متواصلة مع الناس والأفراد المراد تربيتهم سواء أكان والداً أم والدة أم معلماً أم عالم دين.
وإذا لم يكن المربي قدوة لغيره فإنّ عمله لا يثمر ، ولا يستطيع أن ينفذ إلىٰ القلوب ليوجّهها نحو الاستقامة والصلاح ما دام لا يطابق فعله قوله ، وعمله تصوراته ، حيث لا يبقىٰ لموعظته أيّ أثر ايجابي علىٰ ممارسات وسيرة المراد تربيتهم. قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا » (١).
وإذا لم يكن المربي قدوة في سلوكه وسيرته ، فإنّ الناس لا ينتفعون بقوله ورأيه بمعنىٰ انّه لا يؤثر فيهم عملياً. قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « من لم ينسلخ عن هواجسه ، ولم يتخلص من آفات نفسه وشهواتها ، ولم يهزم الشيطان ، ولم يدخل في كنف الله وأمان عصمته ؛ لا يصلح له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة ، فكلّما أظهر أمراً كان حجّة عليه ، ولا ينتفع الناس به » (٢).
وقد مثّل عليهالسلام المربي والموجه باليقظان ، فانّ غيره لا يستطيع أن يوقظ الناس لأنه راقد ، فقال عليهالسلام : « فإنّ مثل الواعظ والمتعظ كاليقظان والراقد ، فمن استيقظ عن رقدته وغفلته ومخالفاته ومعاصيه ، صلح أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد » (٣).
وقد دعا عليهالسلام إلىٰ أن يكون المربي والداعية مجسداً للسلوك الصالح في حركته ،
_______________________
(١) الكافي / الكليني : ١ / ٤٤.
(٢) مستدرك الوسائل / النوري : ١٢ / ٢٠٣.
(٣) المصدر السابق نفسه.