وكان للحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني الحنبلي المتوفّى (٦٥٨) من الحرمة والتقدّم ما لم ينله أحد ، وكانت الملوك تقبِّل يده وتقدِّم مداسه. شذرات الذهب (١)) (٥ / ٢٩٤).
وكان الجزري محمد بن محمد المتوفّى (٨٣٢) ، توفّي بشيراز ، وكانت جنازته مشهودة تبادر الأشراف والخواصّ والعوام إلى حملها وتقبيلها ومسّها تبرّكاً بها ، ومن لم يمكنه الوصول إلى ذلك كان يتبرّك بمن تبرّك بها. مفتاح السعادة (٢) (١ / ٣٩٤).
وكان لأهل دمشق في الشيخ مسعود بن عبد الله المغربي المتوفّى (٩٨٥) كبير اعتقاد يتبرّكون به ويقبِّلون يديه ، قال النجم الغزّي : ولقد دعا لي ومسح على رأسي ، وأنا أجد بركة دعائه الآن. شذرات الذهب (٣) (٨ / ٤٠٩).
فما ظنّك بزيارة سيّد ولد آدم ومن نيطت به سعادة البشر ورقيّه وتقدّمه؟ وهذه ملائكة السموات تزور ذلك القبر الشريف كلّ يوم ، فما من يوم يطلع إلاّ نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفّوا بقبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ويصلّون عليه ، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقّت عنه الأرض (٤) [خرج في سبعين ألفاً من الملائكة يزفّونه].
وشتّان بين هذا الرأي القصيمي الفاسد وبين قول الشيخ تقيّ الدين السبكي في
__________________
(١) شذرات الذهب : ٧ / ٥٠٨ حوادث سنة ٦٥٨ ه.
(٢) مفتاح السعادة : ٢ / ٤٩.
(٣) شذرات الذهب : ١٠ / ٥٩٩ حوادث سنة ٩٨٥ ه.
(٤) أخرجه الدارمي في سننه : ١ / ٤٤ ، وذكره القسطلاني في المواهب اللدنيّة : [٢ / ٦٩٩] ، وابن حجر في الجوهر المنظّم عن الدارمي ، وابن المبارك ، وإسماعيل القاضي ، والبيهقي [في شعب الإيمان : ٣ / ٤٩٢ رقم ٤١٧٠] ، وذكر الزرقاني في شرح المواهب : ٥ / ٣٤٠ ما أسقط منه القسطلاني ، وذكره الحمزاوي في كنز المطالب : ص ٢٢٣. (المؤلف)