الفرق لديهم بين النبيّ والإمام ، وبين الرسل والأئمّة ، وهو فرقٌ لا حقيقة له ، فالأئمّة من آل البيت عندهم أنبياء ورُسُل بكلّ ما في كلمة النبيّ والرسول من معنى ؛ لأنَّ النبيّ الرسول هو إنسانٌ أوحى الله إليه رسالة وكُلِّف تبليغها ونشرها ، سواءٌ أكان وحي الله إليه بواسطة الملك أم بلا واسطة ، وسواءٌ أُرِي شخص تلك الواسطة أم لم يرَه ، بل سمع منه وعقل عنه ، هذا هو النبيّ الرسول. ورؤية الملك لا دخل له في حقيقة معنى النبيّ والرسول بالإجماع ، ولهذا يقولون : الرسول هو إنسانٌ أُوحي إليه وأُمر بالبلاغ ، والنبيُّ هو إنسانٌ أُوحي إليه ولم يُؤمر بالبلاغ ولم يجعلوا لرؤية الملك دخلاً في حقيقة النبيّ وحقيقة الرسول ، وهذا لا ينازع فيه أحدٌ من الناس ، فالشيعة يزعمون لفاطمة وللأئمّة من ولدها ما يزعمون للأنبياء والرسُل من المعاني والحقائق ، فهم يزعمون أنّهم معصومون ، وأنّهم يوحى إليهم ، وأنّ الملائكة تنزل عليهم بالرسالات ، وأنّ لهم معجزات ، أقلّها إحياؤهم الأموات ؛ كما يقولون في أفضل كتبهم. انتهى.
(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١)
ـ ٤ ـ
علم أئمّة الشيعة بالغيب
شاعت القالة حول علم الأئمّة من آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ ممّن أضمر الحنق على الشيعة وأئمّتهم ، فعند كلٍّ منهم حوشيٌّ من الكلام ، يزخرف الزَّلْح (٢) من القول ، ويخبط خبط عشواء ، ويثبت البرهنة على جهله ، كأنَّ الشيعة تفرّدت بهذا الرأي عن المذاهب الإسلاميّة ، وليس في غيرهم من يقول بذلك في إمام من أئمّة المذاهب ، فاستحقّوا بذلك كلّ سبٍّ وتحاملٍ ووقيعةٍ ، فحسبك ما لفّقه القصيمي في
__________________
(١) النحل : ١٠٥.
(٢) الزَّلْح : الباطل.