نعم ؛ هذه كلّها كانت بمرأى من الرجل غير أنّ الإناء ينضح بما فيه ، ووليد الروح الأمويّة الخبيثة وحامل نزعاتها الباطلة سَدِكٌ (١) بالقحّة والسفالة ، ولا ينفكُّ عن الخنا والقذيعة ، ومن شأن الأمويّ أن يتفعّى (٢) ويمين ويأفك ، ويهتك ناموس المسلمين ، ويسلقهم بألسنة حداد ، ويفتري على آل البيت وشيعتهم اقتداءً بسلفه ، وجرياً على شنشنته الموروثة ، ونحن نورد نصّ كلام الرجل ليكون الباحث على بصيرةٍ من أمره ، ويرى جهده البالغ في تشتيت صفوف الأمّة ، وشقِّ عصا المسلمين بالبهت وقول الزور ، قال في الصراع (١ / ١):
الأئمّة يوحى إليهم عند الشيعة ، قال في الكافي (٣) : كتب الحسن بن العبّاس إلى الرضا يقول : ما الفرق بين الرسول والنبيّ والإمام؟ فقال : «الرسول هو الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ، ويسمع كلامه ، وينزل عليه الوحي ، والنبيّ ربما يسمع الكلام ، وربّما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص». وقال : والأئمّة لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلونه إلاّ بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه. وفي الكتاب نصوصٌ أخرى متعدِدةٌ في هذا المعنى ، فالإئمّة لدى هؤلاء أنبياء يوحى إليهم ، ورُسُل أيضاً ، لأنَّهم مأمورون بتبليغ ما يوحى إليهم.
وقال في (٢ / ٣٥) : قد قدّمنا في الجزء الأوّل : أنّ القوم يزعمون أنّ أئمّة أهل البيت يوحى إليهم ، وأنّ الملائكة تأتيهم بالوحي من الله ومن السماء ، وتقدّم قولهم : إنّ الأئمّة لا يفعلون شيئاً ولا يقولونه إلاّ بوحي من الله ، وتقدّم : أنّ الفرق عندهم بين محمد رسول الله وبين الأئمّة من ذرّيته ؛ أنّ محمداً كان يرى الملك النازل عليه بالوحي ، وأمّا الأئمّة فيسمعون الوحي وصوت الملك وكلامه ولا يرون شخصه ، وهذا هو
__________________
(١) السَّدِك : المولع بالشيء.
(٢) تفعّى الرجل : صار كالأفعى في الشر.
(٣) أصول الكافي : ١ / ١٧٦.