الشفاء (١) (ص ٩٦) : إنَّ من المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرّك ببعض الموتى من الصالحين فكيف بالأنبياء والمرسلين ، ومن ادّعى أنَّ قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء ؛ فقد أتى أمراًعظيماً نقطع ببطلانه وخطئه فيه ، وفيه حطٌّ لدرجة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى درجة من سواه من المسلمين ، وذلك كفر متيقّن ، فإنَّ من حطَّ رتبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّا يجب له فقد كفر.
والخطب الفظيع ـ وقل الفاحشة المبيّنة ـ أنَّ الرجل يحذو حذو ابن تيميّة ، ويرى ما يهذو به من البدع والضلالات من سيرة المسلمين الأوّلين ، كأنَّ القرون الإسلاميّة تدهورت وتقلّبت على سيرتها الأولى ، وشذّت الأُمّة عنها ، فلم يبق عاملاً بتلك السيرة إلاّ الرجل ـ القصيمي ـ وشيخه في ضلاله ابن تيميّة.
وانظر إلى الرجل كيف يرى زيارة القبور وإتيانها والدعاء عندها من الردّة والكفر عند جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، ناشئة عن الغلوّ والتأليه لعليٍّ وولده ، وقد مرَّ عنه في صفحة (٤٥) : أنَّ الشيعة يرون عليّا وولده أنبياء يوحى إليهم. إن كلّها إلاّ شنشنة الرعونة وصبغة الإحن والشحناء في كلّ أمويٍّ لفَّ عجاجته على الشيعة وعلى أئمّتها ، فها نحن نقدِّم بين يدي القارئ سيرة المسلمين في زيارة النبيّ الأقدس وغيره منذ عصر الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان حتى اليوم (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (٢).
الحثّ على زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
أخرج أئمّة المذاهب الأربعة وحفّاظها في الصحاح والمسانيد أحاديث جمّة في زيارة قبر النبيّ الأعظم ـ صلوات الله عليه وآله ـ ونحن نذكر شطراً منها :
__________________
(١) شفاء السقام : ص ١٣٠.
(٢) الأنفال : ٤٢.