قال الأميني : إن هي إلاّ أساطير الأوّلين وخزعبلات السلف كتبتها يد الأوهام الباطلة ، وكلّها نصب عيني ابن تيميّة وقومه لم تسمع من أحدهم فيها ركزاً ولم ترَ منهم غميزة ، وكان حقّا على هذه السفاسف أن تُكتب في طامور القصّاصين ، أو تُوارى في مطامير البراري ، أو تُقذف في طمطام البحار ، أسفي على تلكم التآليف الفخمة الضخمة تحتوي مثل هذه الخرافات ، أسفي على أولئك الأعلام يخضعون إليها ويرونها جديرة بالذكر ، ولو كان يعلم ابن تيميّة أنَّ نظّارة التنقيب تعرب عن هذه الخزايات بعد لأيٍ من عمر الدهر لكان يختار لنفسه السكوت ، وكفَّ مدّته عن صلاة أمير المؤمنين وولده الإمام السبط والسيّد السجّاد عليهمالسلام ، وما كان يحوم حومة العار إن عقل صالحه.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ) (١)
ـ ٣ ـ
المحدَّث في الإسلام
أصفقت الأمّة الإسلاميّة على أنّ في هذه الأمّة لدة الأمم السابقة أُناساً محدَّثين ـ على صيغة المفعول ـ ، وقد أخبر بذلك النبيّ الأعظم كما ورد في الصحاح والمسانيد من طرق الفريقين ـ العامّة والخاصّة ـ والمحدَّث : من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة. ولا رؤية صورة ، أو يُلهم له ويُلقى في روعه شيء من العلم على وجه الإلهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى ، أو يُنكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره ، أو غير ذلك من المعاني التي يمكن أن يراد منه ، فوجود من هذا شأنه من رجالات هذه الأمّة مُطبق عليه بين فرق الإسلام ، بيد أنّ الخلاف في تشخيصه ، فالشيعة ترى عليّا أمير المؤمنين وأولاده الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ من المحدَّثين ، وأهل السنّة يرون منهم عمر بن
__________________
(١) النساء : ٤٦.