وأمّا استدلال الخوارج بهذا الحديث على عدم جواز النذر في أماكن الأنبياء والصالحين ، زاعمين أنّ الأنبياء والصالحين أوثان ـ والعياذ بالله ـ ، وأعياد من أعياد الجاهليّة ، فهو من ضلالهم وخرافاتهم وتجاسرهم على أنبياء الله وأوليائه حتى سمّوهم أوثاناً ، وهذا غاية التحقير لهم خصوصاً الأنبياء ، فإنّ من انتقصهم ـ ولو بالكناية ـ يكفر ولا تُقبل توبته في بعض الأقوال ، وهؤلاء المخذولون بجهلهم يُسمّون التوسّل بهم عبادة ، ويسمّونهم أوثاناً ، فلا عبرة بجهالة هؤلاء وضلالاتهم ، والله أعلم. انتهى. كما لا عبرة بجهالة ابن تيميّة ومن لفَّ لفَّه وضلالاتهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (١)
القبور المقصودة بالزيارة
التوسّل والتبرّك بها ، الدعاء والصلاة لديها ، ختم القرآن لمدفونيها
هناك قبور تُقصد بالزيارة ، وقد قُصدت في القرون الإسلاميّة منذ يومها الأوّل ، ولأعلام المذاهب الأربعة حولها كلمات يأخذ الباحث منها دروساً عالية من شتّى النواحي ، ويقف بها على فوائد جمّة ، منها : عرفان سيرة المسلمين وشعارهم في القرون الخالية حول زيارة القبور والتوسّل والتبرّك بها ، والدعاء والصلاة لديها ، وختم القرآن لمدفونيها ، وإليك نبذة منها :
١ ـ بلال بن حمامة الحبشي مؤذِّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتوفّى سنة (٢٠) ، قبره بدمشق ، وفي رأس القبر المبارك تاريخ باسمه رضى الله عنه ، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب ، قد جرّب ذلك كثير من الأولياء وأهل الخير المتبرِّكين بزيارتهم. رحلة ابن جبير (٢) (ص ٢٢٩).
__________________
(١) محمد : ١٦.
(٢) رحلة ابن جبير : ص ٢٥١.