الذبح ولزوم الوفاء به إن كان على الوجه المذكور ، ولا يتصوّر من مسلم غيره.
وربما يُستدلّ في المقام بما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه (١) (٢ / ٨٠) ، بإسناده عن ثابت بن الضحّاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينحر إبلاً ببُوانة (٢) ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل كان فيها وثنيُ عبد من أوثان الجاهليّة؟» قالوا : لا. قال : «فهل كان فيها عبد من أعبادهم؟» قالوا : لا. قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أوفِ بنذرك ؛ فإنّه لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى ، ولا فيما لا يملك ابن آدم».
وبما أخرجه أبو داود في السنن (٣) (٢ / ٨١) عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدِّه ؛ أن امرأة قالت : يا رسول الله إنّي نذرت أن أضرب على رأسك الدفّ. قال : «أوفي بنذرك». قالت : إنّي نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا ـ مكان كان يذبح فيه أهل الجاهليّة ـ ، قال : «لصنم؟» قالت لا. قال : «لوثن؟» قالت : لا. قال : «أوفي بنذرك» (٤).
وفي معجم البلدان (٥) (٢ / ٣٠٠) : وفي حديث ميمونة بنت كردم ؛ أنَّ أباها قال للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي نذرت أن أذبح خمسين شاة على بُوانة. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هناك شيٌّ من هذه النصب؟» ، فقال : لا. قال : «فأوفِ بنذرك». فذبح تسعاً وأربعين وبقيت واحدة ، فجعل يعدو خلفها ويقول : اللهمّ أوفِ بنذري ، حتى أمسكها فذبحها ، وهذا معنى الحديث لا لفظه.
قال الخالدي في صلح الإخوان (ص ١٠٩) بعد ذكر حديثي أبي داود :
__________________
(١) سنن أبي داود : ٣ / ٢٣٨ ح ٣٣١٣.
(٢) بضمّ الموحّدة وتخفيف الواو. هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر. (المؤلف)
(٣) سنن أبي داود : ٣ / ٢٣٧ ح ٣٣١٢.
(٤) على القارئ أن يمعن النظر في صدر هذا الحديث ويعرف مكانة النبيّ الأقدس في السنن ، حاشا نبيّ القداسة عن هذه المخازي. (المؤلف)
(٥) معجم البلدان : ١ / ٥٠٥.