وقال العزّامي في فرقان القرآن (ص ١٣٣) : وقال ـ يعني ابن تيميّة ـ : من نذر شيئاً للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو غيره من النبيّين والأولياء من أهل القبور ، أو ذبح له ذبيحة ، كان كالمشركين الذين يذبحون لأوثانهم وينذرون لها ، فهو عابد لغير الله ، فيكون بذلك كافراً. ويطيل في ذلك الكلام ، واغترَّ بكلامه بعض من تأخّر عنه من العلماء ممّن ابتلي بصحبته أو صحبة تلاميذه ، وهو منه تلبيس في الدين وصرف إلى معنىً لا يريده مسلم من المسلمين ، ومن خبر حال من فعل ذلك من المسلمين وجدهم لا يقصدون بذبائحهم ونذورهم للميّتين ـ من الأنبياء والأولياء ـ إلاّ الصدقة عنهم ، وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أنّ إجماع أهل السنّة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة ؛ فمنها ما صحَّ عن سعد : أنّه سأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يا نبيّ الله إنَّ أُمّي قد أفتلتت ، وأعلم أنّها لو عاشت لتصدّقت ، أفإن تصدّقت عنها أينفعها ذلك؟ قال : «نعم». فسأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّ الصدقة أنفع يا رسول الله؟ قال : «الماء». فحفر بئراً وقال : هذه لأُمِّ سعد ، فهذه اللام هي الداخلة على الجهة التي وجّهت إليها الصدقة لا على المعبود المتقرّب إليه ، وهي كذلك في كلام المسلمين ، فهم سعديّون لا وثنيّون. وهي كاللام في قوله : إنّما الصدقات للفقراء. لا كاللام التي في قول القائل : صلّيت لله ونذرت لله ؛ فإذا ذبح للنبيّ أو الوليّ أو نذر الشيء له فهو لا يقصد إلاّ أن يتصدّق بذلك عنه ، ويجعل ثوابه إليه فيكون من هدايا الأحياء للأموات المشروعة المثاب على إهدائها ، والمسألة مبسوطة في كتب الفقه ، وفي كتب الردِّ على هذا الرجل ومن شايعه. انتهى.
فالنذر بالذبح وغيره للأنبياء والأولياء أمر مشروع سائغ من سيرة المسلمين عامّة من دون أيّ اختصاص بفرقةٍ دون أخرى ، وإنّما يُثاب به الناذر إن كان لله ، وذبح المنذور بالذبح باسم الله. قال الخالدي : بمعنى أنَّ الثواب لهم ، والمذبوح منذور لوجه الله كقول الناس : ذبحت لميّتي بمعنى تصدّقت عنه. وكقول القائل : ذبحت للضيف بمعنى أنّه كان السبب في حصول الذبح. انتهى. وليس هناك أيّ وازع من جواز نذر