الثابتة في صفحات التاريخ من ناحية علمه ولسنا في مقام البحث عنه (١) ، فهل من المعقول أن يُعَدّ هذا القول المتسالم عليه في المحدَّث لأمّةٍ من قائليه فضيلةً رابيةً ، وعلى الأخرى منهم ضلالاً ومنقصة؟ لاها الله.
هلمَّ معي نسائل كيذبان الحجاز ـ عبد الله القصيمي ـ جرثومة النفاق ، وبذرة الفساد في المجتمع ، كيف يرى في كتابه ـ الصراع بين الإسلام والوثنيّة ـ أنّ الأئمّة من آل البيت عند الشيعة أنبياء ، وأنّهم يوحى إليهم ، وأنّ الملائكة تأتي إليهم بالوحي ، وأنّهم يزعمون لفاطمة وللأئمّة من وُلدها ما يزعمون للأنبياء؟ ويستند في ذلك كلّه على مكاتبة الحسن بن العبّاس المذكور (ص ٤٧) نقلاً عن الكافي ، هلاّ يعلم هذا المغفّل أنّ هذه المفتريات والقذائف على أمّة كبيرة ، أطلّت آراؤها الصالحة على أرجاء الدنيا ، إنْ هي إلاّ مآل القول بالمحدَّث الوارد في الكتاب العزيز ، وتكلّم الملائكة مع الأئمّة من آل البيت وأُمّهم فاطمة البتول كما هو مقتضى استدلاله ، وأهل الإسلام كلّهم شرعٌ سواء في ذلك. أوَللشيعيّ عندئذٍ أن يقول : إنّ عمر بن الخطّاب وغيره من المحدَّثين ـ على زعم العامّة ـ عندهم أنبياء يوحى إليهم ، وإنَّ الملائكة تأتي إليهم بالوحي؟ لكن الشيعة علماء حكماء لا يخدشون العواطف بالدجل والتمويه وقول الزور ، ولا يُسمع لأحد من حملة روح التشيّع ، والنزعة العلويّة الصحيحة ، ومقتفي الآداب الجعفريّة أن يتّهم أمّة كبيرة بالطامّات ، وحاشاها أن تُشوِّه سمعتها بالأكاذيب والأفائك ، وتقذف الأمم بما هي بريئة منه ، أمَا كانت بين يدي الرجل تلكم النصوص الصريحة للشيعة على أنّ الأئمّة علماء وليسوا بأنبياء؟ أمَا كان صريح تلك الأحاديث بأنّ الأئمّة مَثَلهم كمَثَل صاحب موسى ، وصاحب سليمان ، وذي القرنين؟ أمَا كان في الكافي ـ في الباب الذي قلبه الرجل على الشيعة ـ قول الإمامين الباقر والصادق : «لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيّكم الأنبياء»؟
__________________
(١) سنوقفك على البحث عنه في الجزء السادس إن شاء الله. (المؤلف)