وبإسناده عن حمران قال : قلتُ لأبي جعفر عليهالسلام ما موضع العلماء؟ قال : «مثل ذى القرنين ، وصاحب سليمان ، وصاحب داود».
وبالإسناد عن بُريد قال : قلتُ لأبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : ما منزلكم؟ بمن تشبَّهون ممّن مضى؟ فقال : «كصاحب موسى ، وذي القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين».
وبالإسناد عن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما منزلتهم؟ أنبياءٌ هم؟ قال : «لا. ولكن هم علماء كمنزلة ذي القرنين في علمه ، وكمنزلة صاحب موسى ، وكمنزلة صاحب سليمان».
هذه جملةٌ من أخبار الشيعة في الباب وهي كثيرةٌ مبثوثة في كتبهم (١) ، وهذه رءوسها ، ومؤدّى هذه الأحاديث هو الرأي العام عند الشيعة سلفاً وخلفاً ، وفذلكته :
إنّ في هذه الأمّة أناساً محدَّثين كما كان في الأمم الماضية ، وأمير المؤمنين وأولاده الأئمّة الطاهرون علماء محدَّثون وليسوا بأنبياء. وهذا الوصف ليس من خاصّة منصبهم ولا ينحصر بهم ، بل كانت الصدّيقة ـ كريمة النبيّ الأعظم ـ محدَّثة ، وسلمان الفارسي محدَّثاً. نعم ؛ كلّ الأئمّة من العترة الطاهرة محدَّثون ، وليس كلُّ محدَّث بإمام ، ومعنى المحدَّث : هو العالم بالأشياء بإحدى الطرق الثلاث المفصّلة في الأحاديث المتلوّة. هذا ما عند الشيعة ليس إلاّ.
هذا منتهى القول عند الفريقين ونصوصهما في المحدَّث ، وأنت كما ترى لا يوجد أيّ خلاف بينهما ، ولم تشذّ الشيعة عن بقيّة المذاهب الإسلاميّة في هذا الموضوع بشيء من الشذوذ إلاّ في عدم عدّهم عمر بن الخطّاب من المحدَّثين ، وذلك أخذاً بسيرته
__________________
(١) جمعها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار [٢٦ / ٦٦ باب إنّهم : محدَّثون مفهّمون و ٤٠ / ١٤٠ و ١٤٢ ح ٤٠ و ٤١ و ٤٣ و ٤٤]. (المؤلف)