الصراع من قوله في صحيفة (ب) تحت عنوان : الأئمّة عند الشيعة يعلمون كلّ شيء ، والأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا شيئاً أعلمهم الله إيّاه ، وهم يعلمون متى يموتون ، ولا يموتون إلاّ باختيارهم ، وهم يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون ولا يخفى عليهم شيءٌ (ص ١٢٥ ، ١٢٦) من الكافي للكليني. ثمّ قال :
وفي الكتاب نصوص أخرى أيضاً في المعنى ، فالأئمّة يُشاركون الله في هذه الصفة صفة علم الغيب ، وعلم ما كان وما سيكون ، وأنَّه لا يخفى عليهم شيءٌ ، والمسلمون كلّهم يعلمون أنّ الأنبياء والمرسلين لم يكونوا يشاركون الله في هذه الصفة ، والنصوص في الكتاب والسنّة وعن الأئمّة ، في أنَّه لا يعلم الغيب إلاّ الله ، متواترةٌ لا يستطاع حصرها في كتاب .. إلخ.
الجواب : العلم بالغيب ـ أعني الوقوف على ما وراء الشهود والعيان ـ من حديث ما غبر أو ما هو آت ، إنَّما هو أمر سائغ ممكن لعامّة البشر ، كالعلم بالشهادة يُتصوّر في كل ما يُنبَّأ الإنسان من عالم غابر ، أو عهدٍ قادم لم يَرَه ولم يشهده ، مهما أخبره بذلك عالم خبير ، أخذاً من مبدأ الغيب والشهادة ، أو علماً بطرق أخرى معقولة ، وليس هناك أيُّ وازعٍ من ذلك ، وأمّا المؤمنون خاصّة فأغلب معلوماتهم إنّما هو الغيب من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وجنّته وناره ولقائه ، والحياة بعد الموت ، والبعث والنشور ، ونفخ الصور والحساب ، والحور والقصور والولدان ، وما يقع في العرض الأكبر ، إلى آخر ما آمن به المؤمن وصدّقه ، فهذا غيب كلّه ، وأُطلق عليه الغيب في الكتاب العزيز ، وبذلك عرّف الله المؤمنين في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١).
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) (٢).
__________________
(١) البقرة : ٣.
(٢) الأنبياء : ٤٩.