المدينة لزيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس ، وليس عندهم حجّ ولا عمرة ، فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه ، فالكعبة متّفق عليها ، واختلف أصحابنا وغيرهم في المسجدين الآخرين.
قال ابن الحاجِّ في المدخل (١ / ٢٥٦) بعد نقل هذه العبارة : وهذا الذي قاله مسلّم صحيح لا يرتاب فيه إلاّ مشرك أو معاند لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال تقيّ الدين السبكي في شفاء السقام (١) (ص ٥٣) بعد ذكر كلام العبدري المذكور : قلت : الخلاف الذي أشار إليه في نذر إتيان المسجدين لا في الزيارة ، وقال (ص ٧١) ـ بعد كلام طوي لحول نذر العبادات وجعلها أقساماً ـ : إذا عرفت هذا ، فزيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قربة لحثِّ الشرع عليها وترغيبه فيها ، وقد قدّمنا أنَّ فيها جهتين : جهة عموم وجهة خصوص ، فأمّا من جهة الخصوص ، وكون الأدلّة الخاصّة وردت فيها بعينها ، فيظهر القطع بلزومها بالنذر إلحاقاً لها بالعبادات المقصودة التي لا يؤتى بها إلاّ على وجه العبادة : كالصلاة والصدقة والصوم والاعتكاف ، ولهذا المعنى والله أعلم قال القاضي ابن كج رحمهالله : إذا نذر أن يزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعندي أنَّه يلزمه الوفاء وجهاً واحداً ، ـ إلى أن قال ـ : وإذا نظرنا إلى زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة العموم خاصّة واجتماع المعاني التي يقصد بالزيارة فيه ، فيظهر أن يقال : إنَّه يلزم بالنذر قولاً واحداً ، ويحتمل على بعدٍ أن يقال : إنَّه كما لو نذر زيارة القادمين وإفشاء السلام فيجري في لزومها بالنذر ذلك الخلاف ، مع كونها قربة في نفسها قبل النذر وبعده ، وقد بان لك بهذا أنَّها تلزم بالنذر.
وقبل هذه كلّها تنبئك عمّا نرتئيه الآداب المسنونة الآتية للزائر ؛ فإنَّها تتفرّع على استحباب الزيارة ومندوبيّة شدِّ الرحال إلى روضة النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) شفاء السقام : ص ٧٢ ، ٩٦.