تعظيمه لأهل العلم فما بالك بمقادير الصحابة؟ وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ وما أحسن ما قاله مجنون ليلى :
أمرُّ على الديار ديار ليلى |
|
أقبِّل ذا الجدار وذا الجدارا |
وما حبُّ الديار شغفنَ قلبي |
|
ولكن حبُّ من سكن الديارا |
٨ ـ ذكر الخطيب ابن حملة : أنَّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف (١) ، وأنَّ بلالاً ـ رضي الله تعالى عنه ـ وضع خدّيه عليه أيضاً.
ورأيت في كتاب السؤالات لعبد الله ابن الإمام أحمد ـ وذكر ما تقدّم عن ابن جماعة ثمّ قال ـ : ولا شكّ أنَّ الاستغراق في المحبّة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كلّه الاحترام والتعظيم ، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته ، فأُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه ، وأُناس فيهم أناة يتأخّرون ، والكلُّ محلُّ خير (٢).
٩ ـ قال شيخ مشايخ الشافعيّة ، الشافعيُّ الصغير محمد بن أحمد الرملي المتوفّى (١٠٠٤) في شرح المنهاج : ويكره أن يجعل على القبر مظلّة ، وأن يُقبَّل التابوت الذي يُجعل فوق القبر واستلامه ، وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء. نعم ؛ إن قصد التبرّك لا يكره كما أفتى به الوالد ـ رحمهالله تعالى ـ فقد صرّحوا (٣) بأنَّه إذا
__________________
(١) وفي الشفا للقاضي [٢ / ١٩٩] : رؤي ابن عمر واضعاً يده على مقعد رسول الله من المنبر ، ثمّ وضعها على وجهه. (المؤلف)
(٢) وفاء الوفا للسمهودي : ٢ / ٤٤٤ [٤ / ١٤٠٥]. (المؤلف)
(٣) أخرج الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، وأبو داود في مسنده [١ / ٧ ح ٢٧] : أنّ رسول صلّي الله عليه واله وسلّم كان يشير إلى الحجر الأسود بمحجنته ، ويقبّل المحجن. (المؤلف)