وقوله تعالى : (ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١).
وقوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢).
وقوله تعالى حكايةً عن نوح : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) (٣).
وقوله تعالى حكايةً : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) (٤).
وبهذا التفصيل في وجوه العلم يُعلم عدم التعارض نفياً وإثباتاً بين أدلّة المسألة كتاباً وسنّة ، فكلٌّ من الأدلّة النافية والمثبتة ناظر إلى ناحيةٍ منها ، والموضوع المنفي من علم الغيب في لسان الأدلّة غير المثبت منه وكذلك بالعكس. وقد يوعز إلى الجهتين في بعض النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهمالسلام مثل قول الإمام أبي الحسن موسى الكاظمعليهالسلام مجيباً يحيى بن عبد الله بن الحسن لمّا قال له : جعلت فداك إنَّهم يزعمون أنّك تعلم الغيب ، فقال عليهالسلام : «سبحان الله ضع يدك على رأسي فو الله ما بقيت شعرةٌ فيه ولا في جسدي إلاّ قامت». ثمّ قال : «لا والله ما هي إلاّ وراثة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٥).
وكذلك الحال في بقيّة الصفات الخاصّة بالمولى العزيز سبحانه وتعالى ، فإنّها تمتاز عن مضاهاة ما عند غيره تعالى من تلكم الصفات بقيودها المخصّصة ، فلو كان عيسى على نبيِّنا وآله وعليهالسلام يحيي كلّ الموتى بإذن الله ، أو كان خَلق عال ماً بشراً من الطين بإذن ربِّه بدل ذلك الطير الذي أخبر عنه بقوله : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) (٦) ، لم يكن يشارك المولى سبحانه في
__________________
(١) السجدة : ٦.
(٢) التغابن : ١٨.
(٣) هود : ٣١.
(٤) الأعراف : ١٨٨.
(٥) أخرجه شيخنا المفيد في المجلس الثالث من أماليه [ص ٨٣ ح ٥]. (المؤلف)
(٦) آل عمران : ٤٩.