علم المصنف أن هذا الوهم وقع للإمام فخر الدين الرازى قلت من أمرين : الأول أنه نقل إجماع الأشاعرة على عدم وقوع المهمل فى كتاب الله تعالى وهو عين الإجماع على عدم وقوع الزائد فيه إذ الزائد بهذا المعنى هو عين المهمل فلو لم يقع له هذا الوهم لما احتاج إلى التعرض لهذا الإجماع ، والثانى أنه حمل ما فى قوله تعالى : "فَبِما رَحْمَةٍ" (١) على أنها استفهامية بمعنى التعجب كقوله تعالى : "ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ" (٢) فأشار المصنف إلى الأول بقوله
(فقال الفخر الرازى المحققون من المتكلمين) : وهم الأشاعرة (٣) على أن المهمل لا يقع فى كلام الله تعالى) : لترفعه عن ذلك وأشار إلى الثانى بقوله
(وأما ما فى قوله تعالى (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) فيمكن أن تكون استفهامية للتعجب والتقدير فبأى رحمة من الله) : يعنى لا زائدة انتهى كلام الفخر الرازى (٤) ، والظاهر أن هذا الوهم لا يقع لواحد من العلماء فضلا عن أن يقع لمثل هذا الإمام وإنما أنكر إطلاق القول بالزائد إجلالا لكلام الله تعالى وللملازمة لباب الأدب كما هو اللائق بحاله وأما حمل ما فى قوله تعالى : "فَبِما رَحْمَةٍ" على أن تكون استفهامية بمعنى التعجب على سبيل الجواز والإمكان الذى قاله المعربون وعبارة بعضهم قيل ما زائدة للتوكيد وقيل نكرة موصوفة برحمة وقيل غير موصوفة ورحمة بدل منها فهو بمعزل عن الدلالة على وقوع الوهم منه بمراحل أه كلام الكافيجى (٥)
__________________
ـ تولى المشيخة بتربة الأشراف وتولى مشيخة الشيخونية ويذكر السيوطى أن تصانيفه فى العلوم العقلية لا تحصى ويقول أنه سأله أن يسمى له جميعها ليكتبها فى ترجمته فقال لا أقدر على ذلك ـ ويقول عنه إنه كان كثير التعبد كثير الصدقة والبذل كثير الاحتمال لأعدائه صبورا على الأذى واسع العلم وقال أنه لزمه أربع عشرة سنة وأنه فى كل مرة كان يلقاه كان يسمع منه من التحقيقات والعجائب ما لم يسمعه منه من قبل ويقول إنه قال له يوما أعرب زيد قائم ثم أخبره أن له فى زيد قائم مائة وثلاثة عشر بحثا. فقال له السيوطى لا أقوم من هذا المجلس حتى استفيدها ثم يذكر أنه كان يعده والدا لكثرة ماله عليه من الشفقة والإفادة وأنه كان بينه وبين والدة صداقة تامة وأن والده كان منصفا له وهذه الشهادة من السيوطى للكافيجى تبين مكانة الشيخ خالد وأمانته.
(١) سورة آل عمران آية ١٥٩.
(٢) سورة النمل آية ٢٠.
(٣ و ٤ و ٥) يعرض لقضية هامة خاصة بالجانب التركيبى للغة ويبين موقف بعض الفرق من هذه القضية وهم الأشاعرة ويعرض رأى الفخر الرازى وهو من هو فى صلاحه وتقواه وهكذا موقف الكافيجى وهو عالم منصف.