مما قدمته قبل قليل لكان له رأي آخر فيما ذهب إليه.
وإذا كان بعض المحدثين قد شكوا في نسبة هذه المنظومة النحوية للخليل ابن أحمد إلا أنهم اعترفوا في نهاية الأمر بأن المصطلح بصري خليلي يقول (١) الدكتور ابراهيم السامرائي بعد أن قدّم شكوكه ـ وقد مرّ ذلك من قبل ـ في صحة نسبة هذه المنظومة للخليل : «وشاع أيضا أن «النسق» مصطلح كوفي ، والذى عرفناه أن النسق جاء في كلام الخليل ب «العين» وذكره سيبويه في [الكتاب]» ، وأضيف إلى كلامه ورود المصطلح في منظومة الخليل النحوية وفي كتابه «الجمل».
ولعل الأدلة السابقة ترد أيضا على أحد الباحثين المحدثين (٢) عند ما أشار إلى أن نحاة الكوفة كانوا أجرأ النحاة الذين حاولوا مخالفة المصطلحات البصرية ، كما ورد عند الخليل وسيبويه ، فكأنهم رأوا أن اكتمال مذهبهم النحوي لا يتم إلا بإيجاد مصطلحات مقابلة لما وصلهم من مصطلحات البصريين وعدّ الباحث من ذلك استخدامهم لحروف النسق بدل العطف ثم قال : «على أن تلك المصطلحات الكوفية لم يعش منها إلا القليل نحو :
النعت والنسق والأدوات ، وما عدا ذلك فقد بقيت المصطلحات البصرية شائعة ذائعة ، وكتب لكثير من المصطلحات التي جاءت على لسان الخليل وتلميذه سيبويه أن تخلد وتبقى على مرّ الأيام نحو الاسم والفعل والحرف والفاعل .. إلخ» (٣).
ويبدو أن ما شاع من المصطلحات على أنه مصطلح كوفي إنما هو بصريّ النشأة والنمو ، وقد انتقل إلى بيئة كوفية ، ولعل ما ورد عند الخليل من استخدامه (النسق) دليل على ذلك ، وأيضا لاستخدامه مصطلح (النعت)
__________________
(١) المدارس النحوية ص ١٥٤.
(٢) هو الدكتور جعفر نايف عبابنه في كتابه «مكانة الخليل في النحو العربي» ص ١٧٧.
(٣) مكانة الخليل في النحو العربي ص ١٧٨.