يشير صاحب كتاب الأعلام إلى أن وفاة قطرب كانت سنة ٢٠٦ ه ـ ٨٢١ م (١) على الرأي الأشهر ، وكتب التراجم لم تشر إلى أنه تتلمذ على يد الخليل بن أحمد ، ولكنها تشير على يد سيبويه (٢) ، الذي تتلمذ على يد الخليل ، والخليل توفي عام ١٧٥ ه ـ كما أوردنا سلفا ـ وإذا كان الأمر كذلك فلا لقاء متخيلا بين الخليل وقطرب ، بل ليس هناك علاقة علمية مباشرة متخيلة أو مجسدة. والحقيقة أن المتأمل في حياة تلاميذ الخليل يمكن أن يستنبط أشياء مهمة تغيّر مجرى التخيل أو التصوّر الذي يطرأ على الذهن من أول وهلة.
إن كتب التراجم تشير إلى أن النضر بن شميل بن مالك بن عمرو التميمي النحوي البصري الثقة كان من تلاميذ الخليل (٣) ، بل إن بعض الكتب تشير إلى أنه كان من أصحاب الخليل (٤) أما عن وفاته فيقول ابن خلكان عنه «وتوفي في سلخ ذي الحجة سنة أربع ومائتين ، وقيل في أولها ، وقيل سنة ثلاث ومائتين بمدينة مرو من بلاد خراسان» والنظر القريب والمقارنة يؤكدان ذلك التقارب الشديد بين وفاة قطرب (٢٠٦ ه) ووفاة النضر بن شميل (٢٠٤ ه) أي ليس بينها سوى عامين فقط.
لم تذكر كتب التراجم عن الأول أنه تتلمذ أو قابل الخليل ، والثاني ذكر عنه أنه تتلمذ على يد الخليل وكان صديقا له والسؤال الذي يواجهنا بشدة هو : (٥)
__________________
(١) الزركلى ٧ / ٩٥ وقطرب هو محمد بن المستنير بن أحمد أبو علي الشهير بقطرب ، نحوي عالم بالأدب واللغة من أهل البصرة من الموالي كان يرى رأي المعتزلة النظامية ، وهو أول من وضع المثلث في اللغة ، وفي وفيات الأعيان ٤ / ٣١٢ أخذ الأدب عن سيبويه وعن جماعة من العلماء البصريين ، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم وكان يبكر إلى سيبويه قبل حضور أحد من التلاميذ ، فقال له ما أنت إلا قطرب ليل فبقي عليه هذا اللقب ، قطرب : اسم دويبة لا تزال تدب ولا تفتر ، توفي سنة ٢٠٦ ه.
(٢) وفيات الأعيان ٤ / ٣١٢.
(٣) طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ص ٥٩ ، ٦٠ الطبعة الثانية دار المعارف القاهرة ١٤٣٢ ه ـ ١٩٧٣ م تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وانظر نزهة الألبا ص ٧٤.
(٤) وفيات الأعيان ٥ / ٣٧٩.
(٥) وفيات الأعيان ٥ / ٤٠٤.