وفي المقابل أردنا أن نجازي هؤلاء في هذه الحياة الدنيا ، وفي الآخرة بأشد العذاب.
ويرى بعض المفسّرين أن سبب نزول هذه الآية هو قضية مؤامرة قتل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل الهجرة ، والتي أشير إليها في الآية (٣٠) من سورة الأنفال : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) (١).
والظاهر أن هذا من قبيل التطبيق ، لا أنه سبب النّزول ...
والآية الأخرى بيان لإحدى علل التآمر ، فتقول : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ)؟ فإن الأمر ليس كذلك ، إذ نحن نسمع ورسلنا : (بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).
«السر» هو ما يضمره الإنسان في قلبه ، أو ما يودعه من أسراره لدى إخوانه وأصدقائه ، و «النجوى» هي الهمس في الأذن.
نعم ، فإنّ الله سبحانه لا يسمع نجواهم وهمسهم فيما بينهم فحسب ، بل يعلم ما يضمرونه في أنفسهم أيضا ، فإن السر والعلن لديه سواء.
والملائكة المكلفون بتسجيل أعمال البشر وأقوالهم يكتبون هذه الكلمات في صحائف أعمالهم دائما ، وإن كانت الحقائق بدون ذلك واضحة أيضا ، ليروا جزاء أعمالهم وأقوالهم ومؤامراتهم في الدنيا والآخرة.
* * *
__________________
(١) الفخر الرازي ، ذيل الآيات مورد البحث.