الأوّل : نزوله دفعة واحدة ، حيث نزل من الله سبحانه على قلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الطاهر في ليلة القدر من شهر رمضان.
والثّاني : النّزول التدريجي ، حيث نزل على مدى (٢٣) سنة بحسب الظروف والحوادث والاحتياجات.
والشاهد الآخر لهذا الكلام أن بعض الروايات قد عبرت بالإنزال ، وبعضها الآخر بالنّزول ، والذي يفهم من متون اللغة أن التنزيل يستعمل في الموارد التي ينزل فيها الشيء تدريجيا ومتفرقا ، أما الإنزال فله معنى واسع يشمل النّزول التدريجي والنّزول دفعة واحدة. (١) والطريف أنّ كل الآيات المذكورة التي تتحدث عن نزول القرآن في ليلة القدر وشهر رمضان قد عبرت بالإنزال ، وهو يتوافق مع النّزول دفعة واحدة ، في حين عبر بالتنزيل فقط في الموارد التي دار الكلام فيها حول النّزول التدريجي للقرآن.
لكن ، كيف كان هذا النّزول جملة على قلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ هل كان على هيئة هذا القرآن الذي بين أيدينا بآياته وسورة المختلفة ، أم أنّ مفاهيمه وحقائقه قد نزلت بصورة مختصرة جامعة؟
ليس الأمر واضحا بدقّة ، بل القدر المتيقن الذي نفهمه من القرائن ـ أعلاه ـ أن هذا القرآن قد نزل دفعة واحدة في ليلة واحدة على قلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّة ، ونزل على مدى (٢٣) سنة بصورة تدريجية مرّة أخرى.
والشاهد الآخر لهذا الكلام ، أنّ للتعبير بالقرآن ـ في الآية أعلاه ـ ظهورا في مجموع القرآن.
صحيح أنّ كلمة القرآن تطلق على كل القرآن وجزئه ، لكن لا يمكن إنكار أن ظاهر هذه الكلمة هو مجموع القرآن عند عدم وجود قرينة أخرى معها. والتي فسر بها البعض هذه الآية بأنها بداية نزول القرآن ، وقالوا : إنّ أوّل آيات القرآن نزلت
__________________
(١) تراجع مفردات الراغب ، مادة نزل.