في نهاية العالم ، وعلى أعتاب القيامة ، فهو علامة لحلول اللحظات الأخيرة لهذه الدنيا ، وبداية عذاب الله أليم للظالمين والمفسدين.
عند ذلك سينتبه هؤلاء الظالمون من نوم غفلتهم ، ويطلبون رفع العذاب والرجوع إلى الحياة الدنيوية العادية ، لكن أيديهم ترد في أفواههم.
وطبقا لهذا التّفسير فإنّ الدخان معناه الحقيقي ، ويكون مضمون هذه الآيات هو نفس ما ورد في آيات القرآن الأخرى ، وهو أنّ المجرمين والكافرين يرجون وهم على أعتاب القيامة أو فيها ـ رفع العذاب عنهم ، والرجوع إلى الدنيا ، لكن ذلك لا يقبل منهم ولا يحقق رجاؤهم. (١)
الإشكال الوحيد الذي يرد على هذا التّفسير أنّه لا ينسجم مع جملة (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) لأنّ العذاب الإلهي لا يخفف عند انتهاء الدنيا أو في القيامة ليعود الناس إلى حالة الكفر والمعصية.
أما إذا اعتبرنا هذه الجملة قضية شرطية ـ وإن كان ذلك يخالف الظاهر ـ فسيرتفع الإشكال حينئذ ، لأن معنى الآية يصبح : كلما كشفنا عنهم قليلا من العذاب فإنّهم يعودون إلى طريقتهم الأولى ، وهذا في الواقع شبيه بالآية (٢٨) من سورة الأنعام (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ).
اضافة إلى أنّ تفسير «البطشة الكبرى» بأحداث يوم بدر ، يبدو بعيدا عن الصواب ، لكن تفسيرها بعقوبات القيامة (٢) مع الآية تماما.
والشاهد الآخر للتفسير الثّاني هو الروايات الواردة عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والتي تفسّر الدخان بالدخان الذي سيملأ العالم على أعتاب قيام القيامة ، كالرواية التي يرويها حذيفة بن اليمان عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه ذكر أربع علامات لاقتراب القيامة : الأولى ظهور الدجال ، والأخرى نزول عيسى عليهالسلام ، والثالثة النّار التي تظهر
__________________
(١) تراجع الآيات ٢٧ ـ ٣٠ ، من سورة الأنعام.
(٢) يقول الراغب في المفردات ، البطش : هو تناول الشيء بصولة ، وهو مقدمة العقوبة عادة.