شجرة عصيرها مرّ ، وإذا أصابت البدن تورّم (١).
ويعتقد البعض أنّ الزقوم في الأصل يعني الابتلاع (٢) ، ويقول البعض : إنّها كلّ طعام خبيث في النّار (٣).
وجاء في حديث أنّ هذه الكلمة لما نزلت في القرآن قال كفار قريش : ما نعرف هذه الشجرة ، فأيّكم يعرف معنى الزقوم؟ وكان هناك رجل من أفريقية قال : هي عندنا التمر والزبد ـ وربّما قال ذلك استهزاء ـ فلما سمع أبو جهل ذلك قال مستهزئا : يا جارية زقمينا ، فأتته الجارية بتمر وزبد ، فقال لأصحابه : تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمّد (٤).
وينبغي الالتفات إلى أنّ «الشجرة» تأتي في لغة العرب والاستعمالات القرآنية بمعنى الشجرة أحيانا ، وبمعنى مطلق النبات أحيانا.
و «الأثيم» من مادة إثم ، وهو المقيم على الذنب ، والمراد هنا الكفار المعاندون المعتقدون ، المصرون على الذنوب والمعاصي المكثرون منها.
ثمّ تضيف الآية : (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ).
«المهل» ـ على قول كثير من المفسّرين وأرباب اللغة ـ الفلز المذاب ، وعلى قول آخرين ـ كالراغب في المفردات ـ هو درديّ الزيت ، وهو ما يترسب في الإناء ، وهو شيء مرغوب فيه جدا ، لكن يبدو أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.
«والحميم» هو الماء الحار المغلي ، وتطلق أحيانا على الصديق الوثيق العلاقة والصداقة ، والمراد هنا هو المعنى الأول.
على أي حال ، فعند ما يدخل الزقوم بطون هؤلاء ، فإنّه يولد حرارة عاليه لا تطاق ، ويغلي كما يغلي الماء ، وبدل أن يمنحهم هذا الغذاء القوة والطاقة فإنّه
__________________
(١) مجمع البيان ، تفسير روح البيان ، تفسير روح المعاني.
(٢) لسان العرب مادة «زقم».
(٣) مفردات الراغب مادة (زقم).
(٤) تفسير القرطبي ، المجلد ٨ ، صفحة ٥٥٢٩ ذيل الآية (٦٢) من سورة الصافات.