يهبهم الشقاء والعذاب والألم والمشقة.
ثمّ يخاطب سبحانه خزنة النّار ، فيقول : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ).
«فاعتلوه» من مادة العتل ، وهي الأخذ والسحب والإلقاء. وهو ما يفعله حماة القانون والشرطة مع المجرمين المتمردين ، الذي لا يخضعون لأي قانون ولا يطبقونه.
«سواء» بمعنى الوسط ، لأنّ المسافة إلى جميع الأطراف متساوية ، وأخذ أمثال هؤلاء الأشخاص وإلقاؤهم في وسط جهنم باعتبار أنّ الحرارة أقوى ما تكون في الوسط ، والنّار تحيط بهم من كلّ جانب.
ثمّ تشير الآية التالية إلى نوع آخر من أنواع العقاب الأليم الذي يناله هؤلاء فتقول : (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) (١) وبهذا فإنّهم يحترقون من الداخل ، وتحيط النّار بكلّ وجودهم من الخارج ، وإضافة إلى ذلك يصب على رؤوسهم الماء المغلي في وسط الجحيم.
وقد ورد نظير هذا المعنى في الآية (١٩) من سورة الحج حيث تقول : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ).
وبعد كلّ أنواع العذاب الجسمي هذه ، تبدأ العقوبات الروحية والنفسية ، فيقال لهذا المجرم المتمرد العاصي الكافر : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) فأنت الذي كنت قد قيدت البؤساء فباتوا في قبضتك تظلمهم كيف شئت ، وتعذبهم حسبما تشتهي ، وكنت تظن أنّك قوي لا تقهر ، وعزيز لا يمكن أنّ تهان ويجب على الجميع احترامك وتقديرك.
نعم ، أنت الذي ركبك الغرور فلم تدع ذنبا لم ترتكبه ، ولا موبقة لم تأتها ، فذق الآن نتيجة أعمالك التي تجسدت أمامك ، وكما أحرقت أجسام الناس وآلمت
__________________
(١) عذاب الحميم من قبيل الإضافة البيانية ، أي إنّ هذا الماء المحرق عذاب يصب على هؤلاء.