ومنزلهم المقصود ، لكن : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ).
«الرجز» يعني الاضطراب والاهتزاز وعدم الانتظار ، كما يقول الراغب في مفرداته ، وتقول العرب : رجز البعير إذا تقاربت خطواته واضطرب لضعف فيه.
وتطلق هذه الكلمة أيضا على مرض الطاعون والابتلاءات الصعبة ، أو العواصف الثلجية الشديدة ، والوساوس الشيطانية وأمثال ذلك ، لأنّ كلّ هذه الأمور تبعث على الاضطراب والتزلزل وعدم الانتظام والانضباط ، وإنّما يقال لأشعار الحرب (رجز) لأنّها مقاطع قصيرة متقاربة ، أو لأنّها تلقي الرعب والاضطراب بين صفوف الأعداء.
ثمّ تحول زمان الحديث إلى بحث التوحيد الذي مرّ ذكره في الآيات الأولى لهذه السورة ، فتعطي المشركين دروسا ، بليغة مؤثرة في توحيد الله سبحانه ومعرفته.
فتارة تدغدغ عواطفهم ، وتقول : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
من الذي أودع في مادة السفن الأصلية خاصية الطفو على الماء وعدم الغطس؟ ومن الذي جعل الماء فراشا ناعما حركتها حتى استطاعت أن تسير فيه بكلّ سهولة ويسر؟ ومن الذي أمر الرياح أن تمرّ على سطح المحيطات بصورة منتظمة لتحرك السفن وتسيرها؟ أو يحل قوّة البخار محل الهواء ليزيد من سرعة هذه السفن العظيمة؟
نحن نعلم أنّ أكبر وسائط نقل الإنسان وأهمها في الماضي والحاضر هي السفن الصغيرة والكبيرة ، والتي تنقل على مدار السنة ملايين البشر ، وأكثر من ذلك البضائع التجارية من أقصى نقاط العالم إلى المناطق المختلفة ، وقد تكون السفن أحيانا بسعة مدينة صغيرة ، وسكانها بعدد سكانها ، وهي مجهزة بمختلف الوسائل والأموال.