فتعبد المسافة بينهم وبين الحق.
إنّ حسن الخلق والصفح ورحابة الصدر يقلل من ضغوط هؤلاء وعدائهم من جهة ، كما أنّه يمكن أن يكون عاملا لجذبهم إلى الإيمان وإقبالهم عليه.
وقد ورد نظير هذا الأمر الأخلاقي كثيرا في القرآن الكريم كقوله تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١)
إنّ التصلب في التعامل مع الجاهلين والإصرار على عقوبتهم لا يثمر في العادة ، بل إن تجاهلهم والاعتزاز بالنفس أمامهم هو الأسلوب الناجح في إيقاظهم ، وهو عامل مؤثر في هدايتهم.
وليس هذا قانونا عاما بالطبع ، إذ لا يمكن إنكار وجود حالات لا يمكن معالجتها ومواجهتها إلّا بالغلظة والشدّة ، غير أنّها قليلة.
والنكتة الأخرى هنا أنّ كلّ الأيّام هي أيّام الله ، إلّا أنّ (أيّام الله) قد أطلقت على أيّام خاصّة ، للدلالة على عظمتها وأهميتها.
لقد ورد هذا التعبير في موضعين من القرآن المجيد : أحدهما في هذه الآية ، والآخر في سورة إبراهيم ، وله هناك معنى أوسع وأشمل.
وقد فسّرت «أيّام» في الرّوايات الإسلامية بتفاسير مختلفة ، ومن جملتها ما ورد في تفسير علي بن إبراهيم بأنّ أيّام الله ثلاثة : يوم قيام المهدي ، ويوم الموت ، ويوم القيامة (٢).
ونقرأ في حديث آخر عن النّبي الأكرم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «أيام الله نعماؤه وبلاؤه ببلائه» (٣).
وعلى أية حال ، فإنّ هذا التعبير يبين أهمية يوم القيامة ، يوم تجلي حاكمية الله
__________________
(١) سورة الزخرف ، الآية ٨٩.
(٢) تفسير نور الثقلين ، المجلد ٢ ، صفحة ٥٢٦.
(٣) المصدر السابق.