٣ ـ إنّ التعبير بـ «إحسانا» وبملاحظة أنّ النكرة في هذه الموارد لبيان عظمة الأمر وأهميته ، ويشير إلى أنّه يجب ـ بأمر الله سبحانه ـ الإحسان إلى الأبوين إحسانا جميلا مقابلة لخدماتهم الجليلة التي أسدوها.
٤ ـ لأنّ آلام ومعاناة الأم في طريق تربية الطفل محسوسة وملموسة أكثر ، ولأنّ جهود الأم أكثر أهمية إذا ما قورنت بجهود الأب ، كان التأكيد أكثر على قدر الأم في الرّوايات الإسلامية.
فقد ورد في حديث أنّ رجلا أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : من أبر؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أمّك» ، قال : ثمّ من؟ قال : «أباك» (١). وجاء في حديث آخر ، أنّ رجلا كان قد حمل أمّه العجوز العاجزة ، وكان يطوف بها ، فأتى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : هل أديت حقّها : قال : «لا ولا بزفرة واحدة» (٢).
٥ ـ لقد أولت الآيات القرآنية العلاقات العائلية ، واحترام الأبوين وإكرامهم ، والعناية بتربية الأولاد ، اهتماما فائقا ، وقد أشير إليها جميعا في الآيات المذكورة ، وذلك لأنّ المجتمع الإنساني الكبير يتكون من خلايا وتشكيلات أصغر تسمى العائلة ، كما أنّ البناية الضخمة تتكون من غرف ، وهي بدورها من الطابوق والحجر.
من البديهي أنّه كلّما كانت هذه التقسيمات الصغيرة أكثر انسجاما وترابطا ، كان أساس المجتمع أقوى وأشد ثباتا ، وأحد عوامل التمزق والاختلال الاجتماعي في المجتمعات الصناعية في عصرنا الحاضر هو انحلال نظام العائلة ، فلا احترام من قبل الأولاد ، ولا عطف من الآباء والأمهات ، ولا علاقة حب وحنان وعاطفة من الأزواج.
إنّ المشهد المؤلم لدور رعاية المسنين في المجتمعات الصناعية اليوم ، والتي
__________________
(١) روح المعاني ، المجلد ٢٦ ، صفحة ١٦.
(٢) في ظلال القرآن ، المجلد ٧ ، صفحة ٤١٥.