وأموالهم وكلّ ما يتعلّق بهم فأفناها جميعا.
وقد بحثنا موضوع «السير في الأرض» ـ والذي يؤكّد عليه القرآن المجيد مرارا كبرنامج توعية مؤثر ـ بصورة مفصّلة في ذيل الآية (١٣٧) من سورة آل عمران ، والآية (٤٥) من سورة الروم.
وتناولت آخر آية ـ من الآيات مورد البحث ـ سبب حماية الله المطلقة للمؤمنين ودفاعه عنهم ، وإهلاكه الكافرين الطغاة ، فتقول : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (١).
«المولى» بمعنى الولي والناصر ، وبذلك فإنّ الله سبحانه قد تولّى أمر المؤمنين ودفاعه عنهم ، وإهلاكه الكافرين الطغاة ، فتقول : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ ، مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (٢).
«المولى» بمعنى الولي والناصر ، وبذلك فإنّ الله سبحانه قد تولّى أمر المؤمنين ونصرتهم ، أمّا الكافرون فقد أخرجهم من ظل ولايته ، ومن الواضح أنّه تعالى يعين أولئك المستظلين بظل ولايته ، ويدفع عنهم النوائب ، ويزيل عن طريقهم العراقيل ، ويثبّت أقدامهم ، وأخيرا فإنّهم ينالون مرادهم بنصرة الله ومعونته. أمّا أولئك الخارجون عن ولايته فإنّ أعمالهم ستحبط ، وتكون عاقبتهم الهلاك.
وهنا يأتي سؤال ، وهو : إنّ الآية مورد البحث قد ذكرت أنّ الله سبحانه مولى المؤمنين فقط ، في حين أنّه سبحانه وصف في بعض آيات القرآن الأخرى بأنّه مولى الجميع حتى الكافرين ، كما في الآية (٣٠) من سورة سورة يونس حيث تقول : (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
وتتّضح الإجابة على هذا السؤال بملاحظة نكتة واحدة ، وهي : إنّ ولاية الله العامّة ـ وهي كونها خالقا مدبّرا ـ تعم الجميع ، أمّا الولاية الخاصّة ، وعنايته الخاصة المقترنة بأنواع الحماية والنصرة ، فإنّها لا تشمل إلّا المؤمنين (٣).
وقال البعض : إنّ هذه الآية أرجى آية في القرآن ، لأنّها أدخلت كلّ المؤمنين ،
__________________
(١ ، ٢) ـ المشار إليه بـ (ذلك) هي عاقبة المؤمنين الحسنة ، وعاقبة الكافرين المشؤومة ، واللتان أشير إليهما في الآيات السابقة.
(٣) فسّر البعض ـ كالآلوسي في روح المعاني ـ «المولى» في الآية مورد البحث بالناصر ، وفي آية سورة يونس وأمثالها. بالمالك