ونراهم في موضع آخر : (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) (١).
وبهذا فإنّ الله سبحانه يختبر أعمال البشر ، كما يختبر أقوالهم وأخبارهم. وطبقا لهذا التّفسير فإنّ لهاتين الجملتين في الآية مورد البحث معنيين متفاوتين ، مع أنّ إحداهما تؤكّد الأخرى طبقا للتفاسير السابقة.
وعلى أية حال ، فليست هذه المرة الأولى التي يخبر الله سبحانه الناس فيها بأنّي أبلوكم لتمييز صفوفكم ، وليعرف المؤمنون الحقيقيون وضعفاء الإيمان والمنافقون ، وقد ذكرت مسألة الامتحان والابتلاء هذه في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
وقد بحثنا المسائل المتعلقة بالاختبار الإلهي في ذيل الآية (١٥٥) من سورة البقرة ، وكذلك وردت في بداية سورة العنكبوت.
ثمّ إنّ جملة (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ) لا تعني أنّ الله لا يعلمهم ، بل المراد تحقق هذا المعلوم عمليا ، وتشخيص هؤلاء المجاهدين ، فالمعنى : ليتحقق علم الله سبحانه في الخارج ، وتحصل العينية ، وتتميز الصفوف.
* * *
__________________
(١) الأحزاب ، الآية ١٣.