ويفضحوها.
وأخيرا تضيف الآية : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) فهو يعلم أعمال المؤمنين ما ظهر منها وما بطن ، ويعلم أعمال المنافقين ، وإذا افترضنا أنّ هؤلاء قادرون على إخفاء واقعهم الحقيقي عن الناس ، فهل باستطاعتهم إخفاءه عن الله الذي هو معهم في سرّهم وعلانيهم ، وخلوتهم واجتماعهم؟
وتضيف الآية التالية مؤكّدة وموضحة طرقا أخرى لتمييز المؤمنين عن المنافقين : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) الحقيقيين من المتظاهرين بالجهاد والصبر.
ومع أنّ لهذا الابتلاء والاختبار أبعادا واسعة ، ومجالات رحبة تشمل الصبر والثبات في أداء كلّ الواجبات والتكاليف ، ولكن المراد منه هنا الامتحان في ساحة الحرب والقتال لمناسبته كلمة «المجاهدين» ، والآيات السابقة واللاحقة ، والحق أنّ ميدان الجهاد ساحة اختبار عسير وشديد ، وقلّما يستطيع المرء أن يخفي واقعه في أمثال هذه الميادين.
وتقول الآية الأخيرة : (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ).
قال كثير من المفسّرين : إنّ المراد من الأخبار هنا أعمال البشر ، وذلك أن عملا ما إذا صدر من الإنسان ، فإنّه سينتشر بين الناس كخبر.
وقال آخرون : إنّ المراد من الأخبار هنا : الأسرار الداخلية ، لأنّ أعمال الناس تخبر عن هذه الأسرار.
ويحتمل أن تكون الأخبار هنا بمعنى الأخبار التي يخبر بها الناس عن وضعهم وعهودهم ومواثيقهم ، فالمنافقون ـ مثلا ـ كانوا قد عاهدوا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يرجعوا عن القتال ، في حين أنّهم نقضوا عهدهم : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) (١).
__________________
(١) الأحزاب ، الآية ١٥.