وهذا الأمر متحقق ، لأنّ الإسلام متفوّق من حيث الاستدلال والقدرة المنطقية على جميع الأديان.
ولكنّ جماعة آخرين فسّروا هذا الظهور بالغلبة الظاهرية وغلبة القوة ، وموارد استعمال كلمة «يظهر» ومشتقاتها أيضا دليل على الغلبة الخارجية ... ولهذا يمكن القول أنّه بالإضافة إلى نفوذ الإسلام في مناطق كثيرة واسعة من الشرق والغرب وهي تحت لوائه اليوم وتدين به أكثر من أربعين دولة إسلامية بنفوس يقدّر إحصاؤها بأكثر من مليارد نسمة فإنّه سيأتي زمان على الناس يستوعب الإسلام جميع أرجاء المعمورة «رسميّا» وسيكتمل هذا الأمر بظهور المهدي أرواحنا فداء إن شاء الله.
وكما نقل عن بعض أحاديث النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام» (١).
وسبق أن بحثنا في هذا المجال في نفس هذا التّفسير ذيل الآية (٣٣) من سورة التوبة المشابهة لهذه الآية محل البحث.
وهنا ملاحظة تلتفت النظر إليها وهي أنّ البعض ذهب إلى أنّ التعبير بالهدى إشارة الى استحكام العقائد الإسلامية ، في حين أنّ التعبير بـ «دين الحق» ناظر إلى حقّانية فروع الدين ، إلّا أنّه لا دليل لدينا على هذا التقسيم ، والظاهر أنّ الهداية والحقّانية هما في الأصول والفروع معا ...
وفي عود الضمير في «ليظهره» هل يعود على الإسلام أم على النبي؟ للمفسّرين احتمالان ، إلّا أنّ القرائن تدل بوضوح على أنّ المقصود هو دين الحق ، لأنّه قريب من الضمير ، هذا من حيث النظم والسبك اللغوي ، كما أنّ المناسب ظهور الدين على الدين الآخر لا ظهور الشخص على الدين ـ أيضا ـ
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، الجزء ٥ ، ص ٢٥ ، القرطبي نقل هذه الرواية عن النّبي أيضا ذيل الآية ٥٥ من سورة النور ، ج ٧ ، ص ٤٦٩٢.