وآخر ما نريد بيانه في شأن هذه الآية أنّ جملة (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) إشارة إلى هذه الحقيقة وهي أنّ هذا التوقع أو التنبّؤ لا يحتاج إلى أي شاهد ، لأنّ شاهده الله ، ورسالة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا لا تحتاج إلى شاهد آخر ، لأنّ الشاهد هو الله أيضا ، وإذا لم يوافق سهيل بن عمرو وأمثاله على كتابة عنوان (رسول الله) بعد اسم النّبي محمّد فليس ذلك مدعاة للتأثر أبدا.
وفي آخر آية وصف بليغ لأصحاب النّبي الخاصّين والذين كانوا على منهاجه على لسان التوراة والإنجيل وهو مدعاة افتخار لهم إذ أبدوا شهامتهم ورجولتهم في الحديبيّة والمراحل الأخر كما أنّه درس اختبار لجميع المسلمين على مدى القرون والأعصار! ...
فتقول الآية في البداية : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ).
سواء رضي به خفافيش الليل كسهيل بن عمرو أم لم يرض به؟! واخفوا أنفسهم عن هذه الشمس التي أشرقت على العالم أجمع أم لم يخفوا؟! فالله يشهد على رسالته ويشهد بذلك العارفون.
ثمّ تصف الآية أصحابه وخلالهم (وسجاياهم) الباطنية والظاهرية ضمن خمس صفات إذ تقول في وصفهم : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ).
وصفتهم الثانية أنّهم : (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ).
أجل : هم منطلق للمحبّة والرحمة فيما بينهم كما أنّهم نار ملتهبة وسد محكم بوجه أعدائهم الكفّار ...
وفي الحقيقة أنّ عواطفهم وأفكارهم تتلخّص في هاتين الخصلتين : «الرحمة» و «الشدّة» ... لكن لا تضادّ في الجمع بينهما أوّلا ، ولا رحمتهم فيما بينهم وشدّتهم على الكفّار تقتضي أن تحيد أقدامهم عن جادّة الحق ثانيا ...
ثمّ تضيف الآية مبيّنة وصفهم الثّالث فتقول : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً).
هذا التعبير يجسد العبادة بركنيها الأساسيين : «الركوع والسجود» على أنّها