حالة دائمية لهم ، العبادة التي هي رمز للتسليم أمام أمر الله الحق ، ونفي الكبر والغرور والأنانية عن وجودهم.
أمّا الوصف الرابع الذي تذكره الآية عن هؤلاء الأصحاب فهو بيان نيّتهم الخالصة الطاهرة فتقول : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) فهم لا يعملون رياء ولا يبتغون من الخلق الثواب ، بل هدفهم رضا الله وفضله فحسب ، والباعث على تحرّكهم في حياتهم جميعا هو هذا الهدف ليس إلّا! ...
حتى التعبير بـ «فضلا» يدل على أنّهم معترفون بتقصيرهم ويرون أعمالهم أقل من أن يطلبوا الثواب من الله ، بل إنّهم مع كلّ عبادتهم وأعمالهم الصالحة ما يزالون قائلين : لو لا فضلك يا ربّنا فالويل لنا ...
أمّا الوصف الخامس فهو عن سيماهم المشرق إذ تقول الآية : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (١).
«سيما» في الأصل معناها العلامة والهيأة ، سواء أكانت هذه العلامة في الوجه أم في مكان آخر وإن كانت في الاستعمال العرفي تشير إلى علامة الوجه! والأثر الظاهريّ له ...
وبعبارة أخرى أنّ قيافتهم تدلّ بصورة جيدة أنّهم أناس خاضعون أمام الله والحق والقانون والعدالة ، وليست العلامة في وجوههم فحسب ، بل في جميع وجودهم وحياتهم تبدو هذه العلامة ...
وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين يرى بأنّ «السيماء» هي الأثر الظاهر في الجبهة من السجود أو أثر التراب عليها من مكان السجدة ... غير أنّ هذه الآية كما يظهر لها مفهوم أوسع ترتسم ملامحه على وجوه هؤلاء الرجال الربّانيين ...
وقال بعضهم : هذه الآية إشارة إلى إشراق وجوههم يوم القيامة كالبدر من كثرة
__________________
(١) سيماهم : مبتدأ و «في وجوههم» خبره و «من أثر السجود» قد يكون حالا عن السيماء والأفضل أن تعد (من) نشوية أي : «سيماهم في وجوههم وهذه السيماء والعلامة من أثر سجودهم».