سجودهم ...
وبالطبع يمكن أن تكون جباههم ووجوههم على هذه الهيّأة يوم القيامة إلّا أنّ الآية تتحدّث عن وضعهم الظاهري في الدنيا ...
وقد ورد في حديث عن الإمام الصادق في تفسير هذه الجملة أنّه قال : «هو السهر في الصلاة!» (١).
ولا مانع من الجمع بين هذه المعاني كلّها! ...
وعلى كلّ حال فإنّ القرآن يضيف بعد بيان هذه الأوصاف : (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ)! فهذه حقيقة مقولة قبلا وأوصاف وردت في كتاب سماوي نزل منذ أكثر من ألفي عام ...
ولكن لا ينبغي أن ننسى أنّ التعبير بـ (وَالَّذِينَ مَعَهُ) يحكي عن معيّة النّبي في كلّ شيء ، في الفكر والعقيدة والأخلاق والعمل لا عن أولئك الذين كانوا في عصره ـ وإن اختلفوا وإيّاه في المنهج.
ثمّ يتحدّث القرآن عن وصفهم في كتاب سماوي كبير آخر وهو الإنجيل فيقول : (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) (٢).
«الشطأ» : معناه الفسيل أو البرعم الذي يخرج إلى جانب الساق الأصلي للزرع ... و «آزره» مشتقّ من المؤازرة أي المعاونة.
و «استغلظ» مشتقّ من مادة الغلظة ، أي أنّه متين ...
__________________
(١) «من لا يحضره الفقيه» و «روضة الواعظين» ، طبقا لما ورد في تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٧٨.
(٢) هناك كلام بين المفسّرين في جملة «ومثلهم في الإنجيل» أهي جملة مستقلة ووصف آخر عن أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم غير ما وصفوا في التوراة ، أم هي معطوفة على جملة ذلك مثلهم في التوراة؟ فيكون الوصفان مذكورين في كتابين سماويين! الظاهر أنّ الآية ذكرت الوصفين كلّا على حدة في كتاب سماوي ولذلك كرّرت كلمة «مثلهم» ولو كان هذا الوصف معطوفا على السابق لاقتضت الفصاحة أن يكون التعبير : ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل.