وغيرها (١)
ثمّ تضيف الآية : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فمرّة أتاهم الجفاف والقحط ونقص الثمرات كما جاء في الآية (١٣٠) من سورة الأعراف : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ).
وكان العذاب أحيانا بتبدل لون ماء النيل إلى لون الدم ، فلم يعد صالحا للشرب ، ولا للزراعة ، وأحيانا كانت الآفات النباتية تقضي على مزارعهم.
إنّ هذه الحوادث المرّة الأليمة وإن كانت تنبه هؤلاء بصورة مؤقتة ، فيلجئون إلى موسى ، غير أنّهم بمجرّد أن تهدأ العاصفة ينسون كل شيء ، ويجعلون موسى غرضا لسهام أنواع التهم ، كما نقرأ ذلك في الآية التالية : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ).
أي تعبير عجيب هذا؟! فهم من جانب يسمونه ساحرا ، ومن جانب آخر يلجؤون إليه لرفع البلاء عنهم ، ومن جانب ثالث يعدونه بتقبل الهداية!
إن عدم الانسجام بين هذه الأمور الثلاثة في الظاهر أصبح سببا في اختلاف التفاسير:
فذهب البعض : إنّ الساحر هنا يعني العالم ، لأنّهم كانوا يعظمون السحرة في ذلك الزمان ، وخاصّة في مصر ، وكانوا ينظرون إليهم نظرتهم إلى العلماء.
واحتمل البعض أن يكون السحر هنا بمعنى القيام بأمر مهم ، كما نقول في محادثاتنا اليومية : إنّ فلانا ماهر في عمله جدّا حتى كأنه يقوم بأعمال سحرية!
وقالوا تارة : إنّ المراد أنّه ساحر بنظر جماعة من الناس.
وأمثال هذه التفاسير.
إلّا أنّ العارفين بطريقة تفكير وتحدث الجاهلين المعجبين بأنفسهم والمستكبرين المغرورين والطواغيت يعلمون أنّ لهؤلاء الكثير من هذه التعابير
__________________
(١) جاء تفصيل المعجزات التسع لموسى بن عمران عليهالسلام في ذيل الآية (١٠١) من سورة الإسراء.