ومن الذي يستكبر على الله؟! إنّه هذا الإنسان الذي كان أصل خلقه نطفة ، فإذا به يديم الجدال وبكلّ وقاحة في الحقائق ، بالرغم من انه لا يزال بحاجة إلى نعم الله ، فهذه الأنعام خلقها الله للإنسان يستدفئ بها ، وينتفع منها ، ويأكل منها ، ويتخذ منها وسائل الزينة ، ووسائل النقل الى بلد بعيد يشق على الأنفس الوصول إليه ، كلّ ذلك آية رحمة الله ورأفته بالبشر ، كما خلق الرب الخيل والبغال والحمير لكي يمتطيها البشر ويتخذ منها زينة ، هذه نعم ظاهرة ، وهناك نعم باطنة لا نعرفها ، والله الذي هيأ النعم حدد البرامج التفصيلية للانتفاع الأفضل منها ، حين بين لنا بفضله السبيل المستقيم إليها ، ولكن دون أن يفرض علينا السير عبره ، ولو شاء الله لهدى الناس جميعا.
بينات من الآيات :
بين الخلق والأمر :
[١] يبدو ان أمر الله هو إبداعه وانشاؤه الذي يتم باحداث الإرادة ، ويعبر عنها القرآن بكلمة ـ كن ـ قائلا : «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» ويبدو أن هناك فرقا بين الأمر والخلق ، فالخلق قد يكون بالواسطة ، وحسب السنن التي أجراها الله ، بينما الأمر هو الخلق المباشر الذي لوحظ فيه الإنشاء والإبداع. وعذاب الله للأمم المنحرفة ، كما ورسالة الرسل أمران إلهيان إبداعيان ، لا يخضعان للسنن المعروفة لدينا.
وحين جاء الرسل بالإنذار استعجل الكفار ما انذروا به ، واتخذوا من التأخير دليلا على عدم وجود الجزاء ، وجاءت الآية تنذرهم باقتراب ساعة الجزاء ..
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)