والواقع أن شركهم بالله ، وزعمهم ان هناك آلهة تمنعهم من دون الله ، هو الذي جعلهم يطمئنون ولا يأخذون الإنذار بجدية كافية ، ونفى ربنا ما أشركوا به ..
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
فهو منزه وهو أسمى من أن تساويه بشريك ، وهو خالق كل شيء.
روح رسالات الله :
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ)
[٢] والله ينزل الملائكة ملكا بعد ملك ، مؤيدين بالروح ، والروح ـ حسبما يظهر من النظر في مختلف الآيات التي تحدّثنا عنه ـ هو : ذلك الملك العظيم الذي يؤيد الله به رسله ، والذي يأتي الى الأرض في ليلة القدر مع الملائكة وهناك قول آخر يقول : ان الروح كلمة الحياة التي يلقيها الله سبحانه الى الأشياء فيجيبها لمشيئته ، وعدّ إلقاءه وانزاله على نبيه إيحاء في قوله : «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا» (١) فإن الوحي هو الكلام الخفي والتفهيم بطريق الإشارة والإيماء ، فيكون إلقاء كلمته تعالى ـ كلمة الحياة ـ الى قلب النبي (ص) وحيا للروح إليه (٢)
وإذا كان الروح ملكا ، فإن الباء هنا تدلّ على الاستعانة ، أي مستعينا بالروح ومؤيدا ، أما إذا كان الروح جوهر الرسالة المركب من نور العلم والهدى ، وهو الذي يحيي البشر كما قال سبحانه : «اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ» فإن الروح يكون النور الذي جاء به الملائكة الى الأرض ، وهذا المعنى قريب أيضا من
__________________
(١) الشورى (٥٢)
(٢) الميزان للعلامة الطباطبائي ـ ج ١٢ ـ ص ٢٠٦.