(فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً)
اي جعلنا الليل سكنا وهدوءا ـ وكأن الليل آية ممحاة ـ ذلك لان الليل لمن ينامه قصير ، أما النهار فآيته مبصرة لأنه عامر بالنشاط والتحرك من أجل الحصول على الرزق.
(لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ)
تعاقب الليل والنهار مبدأ للحساب الزمني ـ هذا هو ظاهر الآية ـ اما المغزى منها فهو : ان حركة الزمان تدعو الإنسان الى تحمل مسئوليته في الدنيا ، وادراك حقيقة نفسه ، فالإنسان الذي يجمّد فكره فلا يتحرك فانه لا ينتج شيئا سوى العبث وضياع الوقت ، والله تعالى يقول في حديث قدسي : «يا ابن آدم انما أنت أيام فاذا مضى يوم فقد مضى بعضك» فالذي يعرف ان للزمان قيمة (يحاسب نفسه على الساعات والدقائق) يتقدم لأنه يعلم ان «من كان مطيته الليل والنهار يسار به وان كان واقفا»
(وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً)
فالأيام لها حسابها ، واليوم يختلف عن الغد ، وهذا الشهر يختلف عن الآخر ، وان كانت كلها لله ، وقد فصّل الله لنا بيان حقيقة الزمان ، والتقدير لكي نتذكر ونعي واقع أنفسنا ، والله الذي دبر شؤون الليل والنهار والقمر والشمس ، وقدرهما بالسنين والحساب ، جعل للإنسان أيضا كتابا وحسابا ، فما من عمل يقوم به أو خطوة يخطوها ، أو فكرة تجول في ضميره إلّا وتسجل في كتابه ، ويحاسب عليها يوم القيامة.
[١٣] (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)