تستطيع ان تنفعنا أو تضرنا ، وهم بالاضافة الى ذلك أعجز من ان يقوموا بما نريد بل يعجزون عن القيام بما يريدون لأنفسهم ، فكيف يقومون بحاجات الناس ، وهنا نلاحظ من كلمة (زعمتم) اي ادعيتم وصنعتم ، فالإنسان هو الّذي يصنع الطاغوت المتسلط ، ويصنع الصنم الجامد ، ويصبغ عليه القوة ومن بعد ذلك يخافه ، وهو يعلم انه لا يملك كشف الضر عنه عوضا عن تحويله.
[٥٧] (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ)
هؤلاء الأولياء الذين يزعمون بأنهم آلهة انما هم عباد له ضعفاء يبتغون رضا ربهم ، ويريدون الوسيلة اليه ، فكلهم فقير محتاج الى رحمته ، ويريد الزلفى اليه بفطرته وربما بإيمانه أيضا في هذه الآية ، وفي آيات مشابهه تحيّر طائفة من المفسرين وتساءلوا من هم أولئك الذين يدعون وكيف انهم يبتغون الوسيلة الى الله ربهم؟
زعم البعض انهم الأصنام ، بينما قال البعض انهم الملائكة والعباد الصالحون الذين اتخذهم اتباعهم أربابا من دون الله.
والواقع ان ذاك وهذا بعض معنى الآية ، الا ان المعنى الاشمل هو كل شيء أو شخص يطاع من دون الله ، ولان أغلب أبناء آدم يعبدون من دون الله ، ذوي القوة والثروة والجاه ، كالملوك والقيادات السياسية والمترفين والأحبار والرهبان.
فان الآيات فيما يبدو تشمل هؤلاء بل تركز عليهم وتسعى لتحرير البشر من نير عبوديتهم ولعل قراءة سريعة لآيات الشّرك توحي إلينا بان الآلهة المعبودة من دون الله هم عادة بشر ، يقول ربنا سبحانه وتعالى : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) (٨٦ / النحل)
وقال : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ)