فتأويل الإنذار ما تحقق ما انذر به واقعا وتأويل الرؤيا تحولها الى حقيقة واقعة ، ويبدو ان التدبر هو البحث عن التأويل.
ولهذه الكلمة عدّة أبعاد :
البعد الأول :
هو التفكير منذ البداية في آخر الأمر ومآله ، فالقرآن عند ما يقول الظلم ظلمات وعاقبته خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة ، فلا نتوقف عند ذلك ، وانما نأخذ هذه المعلومة شمعة ونذهب الى الواقع الخارجي ، نذهب الى الحياة ونفتش عن ظلم ثم نجعل تلك الشمعة عند ذلك الظلم الذي يأخذ مجراه عمليا ، ونتحرك معه الى ان نرى نتيجته النهائية.
وعند ما يحدثنا القرآن عن قوم عاد وكيف انهم بطشوا بطش الجبارين ، وبالتالي انتهى مصيرهم الى الدمار ، فعلينا ان لا نقرأ ذلك قصة ونستغني بها عن التفكير ، وانما نحمل تلك القصة مصباحا وهاجا بأيدينا ، ثم نبحث في الحضارة المادية ، وعن طريق هذا المصباح نعرف مصيرها في المستقبل والى اين تنتهي عاقبتها.
البعد الثاني :
ينبع من ذات كلمة (التدبر) وهي من الصيغ التي تنطوي على الاشارة الى بذل المجهود في الأمر ، والذي يستخدم الإنسان فيه طاقاته ، فكلمة تصرّف غير كلمة صرف إذ الأولى تعني السيطرة على الشيء ، ومحاولة صرفه بقوة أو بجهد ، كذلك التحدّث يعني استخدام الجهد في الحديث ، وهكذا فأن التدبر يعني بذل الجهد في التفكير للوصول الى نهايات الأمور ، وهنا نصل مرة اخرى الى ذات الحقيقة وهي ان القرآن ليس بديلا عن جهد الإنسان.