البعد الثالث :
هو ان كلمة التدبر مرتبطة بالواقع الخارجي ، فبينما التفسير يرتبط بذات الآيات حيث نكتشف معنى الآية الكريمة عن طريق تفسير الآيات ببعضها ، ومعرفة معاني المفردات من المراجع اللغوية ، وربط الجمل ببعضها ، والاستفادة من السياق ، واستخراج معنى الكلمة من مقارنتها بمفردات مماثلة جاءت في آيات اخرى من القرآن الحكيم ، وتفسير الآيات بالروايات والأحاديث الشريفة وبالاستفادة من العلم الحديث.
فإننا في التدبر أو التأويل ، وبعد انتهاء عملية التفسير ، ومعرفة الآية معرفة ذاتية ، فإننا نحمل الآية القرآنية الى الواقع الخارجي ، ونبحث عن انطباقها على الناس والأشياء والأحداث المتغيرة.
فإذا جاء في القرآن كلمات مثل : الذين آمنوا ، الذين كفروا ، المنافقون ، المستكبرون ، المستضعفون ... فينبغي علينا ان نحاول تحديدهم وتشخيصهم واقعيا ، ولا نكتفي بمعرفة معاني هذه الكلمات ومدلولاتها اللغوية فقط.
وإذا قرأنا عن مجتمعات مثل : عاد ، ثمود ، قوم لوط ، أصحاب الايكة ، أصحاب موسى (ع) أصحاب محمد (ص) فيجب ان نبحث عمن يمثلهم في واقعنا الحاضر الذي نعيشه ، فمن الذي يتبع عليا والحسين (عليهما السلام) اليوم؟ ومن الذي يمثل دور معاوية ويزيد؟ وهكذا.
فالتدبر هو : البحث عمن يمثل دور القصص والآيات القرآنية في الواقع الخارجي ، وبالتالي معرفة معاني الأشياء عمليا ومحاولة تحسسها والاقتراب منها.
والتدبر بحاجة الى جهد فكري وآخر جسدي ، فلا يمكننا ان نتدبر ونحن نغلق