(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)
في البداية قالوا : يوما وكانوا يعتقدون انهم ناموا يوما كاملا ، ثم بعد ما حددوا مسير الشمس وفكروا جيدا ، توصلوا الى انهم لم يناموا هذا المقدار فاستدركوا قائلين : أو بعض يوم.
(قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ)
بعدئذ أخذوا يفكرون أكثر وبرزت امامهم عدة تساؤلات .. فربما كانت هناك شجرة امام الكهف فلم يجدوها ، أو شاهدوا هنا صخرة لم تكن من قبل ، وبلا شك فأن بعض التطورات والتغيرات حدثت في البيئة المحيطة بالكهف ، فتراجعوا عن قولهم ، وعلموا بأن هناك حقيقة مجهولة لا تزال غامضة عليهم ، وهي طول مدة نومهم ، لذلك سكتوا عن هذا الأمر وقالوا : ربكم أعلم كم لبثتم؟ وكيف لبثتم؟
الطريق الى العلم :
وقبل ان ننتقل الى المجموعة الثانية من الآيات ، لا بأس ان نتدبر قليلا في هذه الآية ، ان رحلة الإنسان من الشك الى اليقين ، ومن الجهل الى العلم ، ومن الغرور الى التبصر ، تشبه الى حد بعيد رحلة الإنسان من النوم الى اليقظة ، فالنوم وسبات الجسم يشبه سبات العقل والعلم أي الجهل ، فكما ان الله سبحانه هو الذي ينقل الجسم من حالة النوم والسكون الى حالة اليقظة والحركة ، فهو أيضا الذي ينقل العقل من حالة الجهل والركود الفكري الى العلم والنشاط الفكري الخلاق ، فعلى الإنسان اولا : ان يهتدي الى جهله وهذه بداية مسيرة العلم ، فيقول : انني لا اعلم ، ولكن ذلك لا يعني ان العلم غير موجود ، فالله يعلم ، ولأن الله يعلم وأنا لا أعلم فلا بدّ أن أتحرك نحو الله حتى اقتبس من نور علمه.