احياء ، قد ماتوا حينما شاء الله ان يموتوا ، فالحياة والموت بيد الله ، فوقفوا مدهوشين :
كيف بقي هؤلاء احياء هذه الفترة الطويلة؟ وكيف ماتوا فجأة؟
(إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ)
ماذا نفعل بهم؟ كيف نمجدهم؟ كيف نبقي ذكرهم حيا في النفوس؟
(قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)
اتخذ الملك وحاشيته والذين كانوا غالبين على امر الناس ، قرارا ببناء مسجد على مقابر تلك الطلائع الثائرة.
ونتوقف هنا قليلا لندخل في حوار مع بعض المفسرين ، فالمؤمن يجب ان يظل ذكره حيا في النفوس لأنه قدوة حسنة ، والقرآن الحكيم يبين دائما قصص الأنبياء ويمدحهم من أجل ان يجعل منهم قدوات حسنة للأجيال ، ومن آثار المؤمن قبره ، لذلك يستحب شرعا أن يزور المؤمن المقابر.
ان أفضل عمل نقوم به عند مقابر المؤمنين هو ان نتعبّد لله سبحانه وتعالى هناك ، وان نقرأ القرآن ونتذكر الموت ، ويعظ أحدنا الآخر ، ونجدد ذكرى هؤلاء ونبيّن رسالتهم التي عملوا لها وماتوا من أجلها ونصلّي لله ، أو ليس من الأفضل أن نصلي لله ركعات ونبعث بثوابها الى أرواحهم؟
وحينما نريد ان نجعل بيننا وبين الأموات من المؤمنين والشهداء رابطة ، أو ليست أعمال الخير والبر ، والصلاة ، والدعاء ، وتلاوة القرآن وما أشبه خير رابطة؟! بلى من هنا يذكرنا القرآن في هذه الآية : «الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ» (ويبدو أنهم كانوا من المؤمنين) قالوا : لنتخذن عليهم مسجدا نتعبّد فيه لله ، ونتذكر القيامة ، ونتذاكر سيرتهم ، والقرآن يوحي لنا بأن هذا العمل عمل مشروع ، بدليل انه ذكره