يوحي بأن هذه الفكرة ليست رجما بالغيب.
(قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً)
هنا تنتقل الآيات من الحديث عن البعث وعن وعد الله سبحانه ، الى الحديث عن قضية اخرى وتلك هي قضية العلم ، وماذا يجب على الإنسان أن يقول ويعتقد؟
ان عليه ألا يرجم بالغيب والا يغتر بمعلوماته لأن علمه مهما بلغ فهو قليل ، والذي عنده علم ، عليه الا يضع علمه للمراء والجدال ، بل يمر على المسائل الجدلية العقيمة مسرعا ما أمكن ، أي يؤمن بالحقيقة ويبيّن حجتها ثم يذهب ، لأن المراء يفسد العلم ، ويجعل فكر الإنسان متجها الى وسائل الاستعلاء على الآخرين ، وليس الى الحقيقة ، وبالتالي يصبح فكرا مستعليا مستكبرا لا يستوعب الحقائق ، والعلم هو ابن التواضع ، والمعرفة بنت الخلق السمح ، كما ان الاستكبار حجاب العلم ، والاستعلاء يهدم المعرفة.
(وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً)
لو فرضنا أن جاهلا يريد ان يستفتي ، فهل يبحث عن كل جاهل مغرور يجمع ركام الخرافات على ظهره ويستفتيه في أمور دينه ودنياه؟ كلا ..
وربما تدل هذه الآية على ما قلناه آنفا ، وهو ان القرآن لا ينسخ بالحديث ، وعلينا الا نحجب انظارنا عن القرآن بحجب التاريخ ، حيث نجعله منظارا ننظر من خلاله الى القرآن ان علينا ان ننظر الى القرآن وكأنه أنزل علينا هذه اللحظة ، والا نجعل آيات القرآن مدفونة في أضلع التاريخ قبل ١٤٠٠ عام ، وكأن هذه الآية نزلت لفلان ، والآية تلك نزلت لفلان ، والآية تلك نزلت لفلان ، وان الحادثة الفلانية هي