دائما في حالة صراع وتجاذب داخلي ، ففي نفسك توجد مجموعة جواذب مختلفة كل يجذبك الى جهة ، عنصر يجذبك الى طاعة الآباء ، وآخر يدعوك الى الغلو في حب الأبناء ، وثالث يدعوك الى الذوبان في تيارات وهكذا ، وكل هذه العناصر لها تأثير على عقلك وتفكيرك ولا يمكنك الكمال الا إذا قطعت كل حبال الطبيعة.
لذلك جاء في الأحاديث أنه يوجد في قلب كل إنسان ٣٣ ملكا و٣٣ شيطانا ، وهؤلاء الملائكة أحدهم يمثل الصبر ، والثاني يمثل اليقين ، والثالث يمثل التقوى .. إلخ وأولئك الشياطين أحدهم يمثل الغيبة ، والثاني يمثل التهمة ، والثالث يمثل الفجور .. إلخ .. والملائكة والشياطين جميعا وما يمثلونه في حالة جدال مستمر في داخل الإنسان.
بعض المفسرين قالوا : أن كلمة «أكثر شيء» إنما هي على سبيل المبالغة ، والواقع انه لا مبالغة هناك ، فلا يوجد شيء في الطبيعة أكثر جدلا من مخ الإنسان ، ولنفترض ان شلالات الماء في (نياجارا) تحدث جدلا لأنها تنزل وتصطرع مع المياه التي تصطدم بها ، ولكن هذا الجدل أكثر أم جدل الفكرة؟ والتيارات المتعارضة في بعض البحار ، والرياح المختلفة ، والزوابع العاصفة أكثر جدلا أم القلب ، الذي تنعكس عليه كل تناقضات الوجود؟!
وإذا بحثت فلن تجد تناقضا قائما في الدنيا أكثر من ذلك الموجود في فكرك ، لأن عقلك يحتوي على كل تناقضات الدنيا ، ماديات ومعنويات ، حق وباطل ، خير وشر ، ففكر الإنسان انعكاس لكل تناقضات الكون ، لذلك فهو أكثر شيء تناقضا وجدلا.
[٥٥] ومن أنواع التناقض والجدل عند الإنسان هو ذلك الموجود بين الواقع والحقيقة ، فللواقع ضغطة وجاذبيته ، وللحقيقة صحتها وعاقبتها.