طُغْياناً وَكُفْراً)
ان السبب في قتل الغلام من دون سابق إنذار هو : ان هذا الغلام كان سيسبب لأبويه المؤمنين الصالحين الطغيان والكفر ، لأنهما ، من فرط حبهما لهذا الغلام كانا سيتبعان أهواءه ، في حين أنه كان قد تربى على الدلال والفساد الخلقي ، لذلك كان خضر يخشى على أبويه المؤمنين أن يطغيا بسببه ، ولذلك قتله ، لأنه وجود ضار.
[٨١] (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً)
لقد كان خضر يسعى من أجل ان يبدل الله هذا الغلام بمولود أفضل زكاة ، أي نموّه يكون نموا زاكيا بدل ذلك النمو الطاغي ، فهناك نمو زاك ونمو طاغ ، النمو الزاكي هو : نمو طاهر خال من السلبيات ، أما النمو الفاسد فهو : نمو خبيث مليء بالسلبيات.
وكذلك فرق بين صلة الرحم وبين الكفر بسبب الرحم فالعلاقة التي تربط بين الأب وأبنه إذا كانت علاقة بعيدة عن الايمان بالله سبحانه وتعالى وشكره ، فان هذه العلاقة هي علاقة الكفر وتناقص الشكر لله سبحانه ، بينما إذا كانت العلاقة هي علاقة الشفقة التي هي امتداد لعلاقة الإنسان بالله ، كأن أقول : اني أحب أبني وأساعده لأنه نعمة من الله سبحانه ، فهنا تكون العلاقة امتدادية ، وآنئذ تصبح هذه العلاقة علاقة الرحم ، والتي يعبر عنها القرآن فيقول : «وَأَقْرَبَ رُحْماً» والكلمتان الأخيرتان جاء بهما القرآن لتتقابل مع الكلمتين الأوليتين ، فالزكاة والرحم في مقابل الطغيان والكفر.
بين المصلحة العامة والخاصة :
الأحكام الشرعية عموما ليست محصورة بمصلحة الإفراد ، وانما هي متجهة الى المصلحة العامة والمصلحة العامة هي : مصلحة الإفراد مجتمعين ، بينما المصلحة الخاصة