في العلاقة مع النعم :
ان نظرة الإسلام للحياة الدنيا وزينتها هي : ان كثيرا من أشياء الحياة الدنيا تبدو أمام الإنسان مفيدة ، ولكنها عند الله غير مفيدة لما يعلم من مستقبلها ، فان يشرب الإنسان الخمر ، ويجلس على مائدة القمار ، ويأكل من أموال اليتامى ، قد تبدو مفيدة ولذيذة له حاليا ، ولكنها تحمل في طياتها عواقب سيئة جدا ، والعكس كذلك صحيح ، فأيهما أفضل الإنسان السالم أم الإنسان المريض؟
قد يكون الإنسان المريض أفضل في بعض الأحيان ، لان الإنسان السالم في دولة الإرهاب يضعونه في السجن ، أما المريض فيتركونه آمنا في بيته ، وفي بعض الأوقات تكون نظرتنا الى الحياة ، غير حكيمة فلا نرى المستقبل فنحبّ ما يضرنا ، ونكره ما ينفعنا. كلا .. يجب ان نرضى برضا الله ونسلم لقضائه فاذا أعطانا ربنا شيئا ليس بذلك الكمال المطلوب ، فمن الخطأ ان نصر على الحصول عليه ، فباصرارنا قد يأتينا الله به ولكن يكون في ذلك ضرر لنا.
فمن جملة سنن الله في هلاك الأقوام فتح أبواب الرحمة عليهم ، فاذا فتح أبواب الرحمة كلها على أمة فان ذلك تدبير لهلاكها ، وكذلك بالنسبة للإنسان ، فاذا رأيت النعم تنهال عليك من كل مكان فالزم الحذر ، وكن يقضا ، لان هذه النعم قد تكون استدراجا وان الله يريد ان يجرب أرادتك وقدرتك على المقاومة ، ويريد أن يعطيك رزقك مرة واحدة حتى لا يكون لك نصيب في الآخرة ، على الإنسان ان يكون معتدلا وحكيما في تصرفاته مع زينة الحياة الدنيا ، ولا يبالغ فيها ولا يطالب ربه ان يعطيه كلها مرة واحدة.
من جهة اخرى فان علاقة الإنسان بنعم الحياة يجب أن تكون علاقة الشكر وليست الكفر ، وعلاقة الزكاة وليس الطغيان.