يتعرضون لهجوم مرعب كل عام مرتين بالأمن والراحة عند ما رأوا ان الله قد أنقذهم على يديه ، استغل ذو القرنين تلك اللحظة في سبيل توجيه الناس وهدايتهم ، وهذا منتهى ما يستطيع أن يقوم به صاحب سلطان أو صاحب قوة ، فهو حين يعطي ماله ـ مثلا ـ فيشبع جوعة مسكين أو يغني فقيرا ، أو يؤوي يتيما ، لا يكتفي بذلك ، وانما يبدأ بهداية ذلك الفرد ، فيقول : هذا المال ليس لي ، وانما هو لك ، وانه فضل من ربي ، ان الله قد يعطيك خيرا من هذا المال ، وهكذا يتحدث اليه فيفيده بحديثه أكثر مما يفيده بماله.
جاء للإمام الحسين (عليه السلام) فقير يطلب منه حاجة ، فأخذ أربعة آلاف درهم وجعلها في طرف عباءته ، ثم فتح جانب الباب ودفعها له ، مستحييا منه لكي لا يجعل الفقير يحس بالخنوع ، ولكي يربيه ويزكيه ، ويبيّن له ان إعطاء المال بحد ذاته ليس خدمة ، وانما الخدمة الحقيقية هي الأسلوب المهذب المتواضع ، وبالتالي فان الامام يعطيه من التربية أكثر مما يعطيه من المال.
والامام علي (ع) يأتيه رجل ويطلب منه حاجة ، فيشير اليه الامام بأن : أكتب حاجتك ، ولا تقلها مشافهة.
لكي يوفر عليه ماء وجهه ، وبذلك يعطيه من التربية أكثر مما يلبي حاجته المادية.
هذا هو الموقف السليم الذي يجب ان يتحلى به المؤمنون ، فيشكرون ما أعطاهم الله عليهم من فضله ويبنون علاقتهم بالآخرين على هذا الأساس.
وهناك درس آخر نستفيده من الآيات وهو : موقف الناس من صاحب السلطة ، وأنه مهما كان عليه ذو القرنين من سلطة كبيرة وعظيمة ، فان هذه السلطة من الله وبالله والى الله ، ويوم القيامة يحشر الناس الى ربهم لا الى سلاطينهم أو أغنيائهم ،