(قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً)
ثم طالبهم بأن يأتوا اليه بالنحاس المذاب ، ثم يصبّونه على القطع الحديدية المحماة ، ثم يتركونها مدة حتى تبرد ، فاذا بسد عظيم بين الجبلين مبني من قطع الحديد المتلاصقة ببعضها ، وعليها النحاس .. يزيده قوة لان الحديد تتضاعف قوته مع النحاس كما يقول أصحاب الفن ، يسد الخلل بين قطع الحديد. ويمنع عنه الصدأ.
وإذا كان هذا السد هو الموجود حاليا في منطقة القوقاز فان سلسلة الجبال التي تشكل حاجزا طبيعيا بين مناطق المغول ومنطقة القوقاز تكون قد اكتملت بهذا السد وأصبحت كحائط عظيم حيث ان مكانه هي الثغرة الوحيدة في المنطقة ولقد كان من أروع الانجازات المعارية في ذلك اليوم ولعله حتى اليوم يعتبر أقوى سد في العالم.
[٩٧] (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً)
كان مرتفعا بحيث لم يستطيع يأجوج ومأجوج أن يتسلقوه ، وكان متينا بحيث لم يستطيعوا ان ينقبوا من تحته نقبا ، ولعل ذا القرنين كان قد حفر حفيرة كبيرة وجعل الجدار الحديدي راسخا فيها بحيث لا يمكنهم النقب أيضا على المنطقة الصخرية الصلبة.
ان كل ما قام به ذو القرنين ، إعطاء الخبرة ، وتنظيم قوة الناس في بناء هذا السد ، فهو لم يأت بالحديد ، ولا بالقطر ، ولا بالقوة البشرية من بلده ، كل الامكانات كانت موجودة ومتوفرة ، ومع ذلك لم يتمكن أهالي تلك البلاد من الاهتداء الى مثل هذا العمل ، أما للاختلافات الموجودة بينهم ، أو لعدم تنظيم قواهم ، أو لنقص في خبرتهم الحضارية ، فلم يعرفوا أنه من الممكن ان يجمعوا قطع الحديد الى بعضها ، ويفرغوا عليها قطرا حتى تصبح سدا منيعا ، وهذا ما يؤكد على