له ، فلا يجد في نفسه طمعا ولا طموحا ولا تطلعا آخر ، لأن جنة الفردوس هي في مستوى طموحاته وتطلعاته ، ذلك الإنسان الذي لا يرضيه شيء في الدنيا ، والذي إذا حصل على القارات السبع فانه يريد أن يصعد الى النجوم ويحصل عليها ، وعند ما يرى الجنة يقول : كفاني ولا أريد عنها انتقالا.
وبالمقارنة بين هاتين الصورتين ، صورة الإنسان الذي تتحقق طموحاته كلها في الآخرة ، وصورة الإنسان الذي يعيش في الدرك الأسفل. هناك ، وهو يحسب أنه كان يحسن صنعا في الدنيا نتوصل الى معرفة الفرق بين طريق الحق (وهذه نهايته) وطريق الضلال (وتلك عاقبته).
هذه الحقائق هي من كلمات الله التي لا تنفد ، وهي المعارف والهدى والتوجيهات التي هي انعكاس عن سنن الله في خلقه للطبيعة والإنسان ، ولذلك على الإنسان أن لا يغتر بعلمه المحدود ويعتقد أنه قد فهم كل شيء ، فهذا الغرور هو الذي يسبب اعتقاده بأنه على الصراط المستقيم ، بينما الحقيقة عكس ذلك تماما.
وتنتهي هذه السورة بتلخيص فكرة الاستفادة من فيض هذه الكلمات التي لا تنفد ولو كان البحر مدادا لكتابتها ، وهي عبادة الإنسان لله ، وإخلاص طاعته له ، والعمل برجاء لقائه.
بينات من الآيات :
[١٠٢] (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ)
ان أكثر الكفر لا يكون بإنكار وجود الله ذاته ، وانما يتخذ صورا أخرى ومن أهمها : انكار ولاية الله وحاكميته التشريعية على البشر ، فنجد كثيرا من الكفار في الأزمنة السابقة وهكذا في زماننا الحاضر يقرّون بأن الله هو خالق السماوات والأرض وكل ما فيهما ، ولكنهم يضعون تشريعات من عندهم لادارة حياتهم