لقد مات (فورد) صاحب شركة السيارات المعروفة في خزائن أمواله ، حيث كانت عنده خزانة حديدية ضخمة مؤلفة من عدة غرف متداخلة لكل منها باب ، وكان يحتفظ بذهبه ومجوهراته وأشيائه الثمينة في الغرفة المركزية ، وفي يوم دخل الى مكانه المحبّب هذا ليتمتع ناظريه ويرفّه قليلا عن نفسه وكان كلما يدخل بابا يوصده من ورائه ، حتى إذا دخل في غرفة السعادة أوصدها على نفسه ، وقد نسي المفتاح في الخارج ، وعند ما شبع من النظر الى متاع الدنيا الرخيص أراد الخروج فلم يقدر ، فظل يصرخ ويصرخ ، ولكن صوته لم يكن ليخترق تلك الجدران الحديدية المتراكبة فوق بعضها ، فمكث عدّة أيام على هذا الحال الى أن مات.
ان هذا الإنسان الضال لم تنفعه أمواله ، ولم تنقذه من الجوع والعطش في الدنيا حيث المال له قيمة ، فما بالك في الآخرة حيث لا قيمة للمال إطلاقا؟!
[١٠٥] (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ)
ان السبب في وصول الإنسان الى هذا الدرك الأسفل هو : اعراضه عن آيات الله ، وعدم استعداده للقائه ، وهذا هو الكفر بالمبدأ والمعاد.
وأساسا يؤمن الإنسان وجدانيا بالله ، ويبحث بفطرته عن المعاد ، ولكن من الصعب عمليا أن يصل الإنسان الى مستوى الايمان بالله واليوم الآخر ، لذلك فهو يحتاج الى مزيد من الارادة والعزم ليصعد على هذه القمة فيحوّل ايمانه من اطار الفطرة والوجدان الى اطار العمل والتطبيق.
ان نفوس الكفار أصغر ، وعزائمهم أضعف ، وهممهم أتفه من أن تصل الى حقيقة الايمان ، لذلك تجدهم ينكرون آيات الله ويكذّبون بلقائه.
(فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ)